الانتفاضة، طوفان الأقصى 07 أكتوبر 2023…
وإن العين لتدمع، انفطر قلبي. الموت في كل مكان. لم أستطع متابعة الأخبار. أكثر المناظر مروعة. وضعت يدي على فمي في ذهول. وسط عالم محكوم من طرف شياطين تتلاعب بالمصطلحات لتجعل من الباطل حقا ومن الحق باطلا. كذب، وزيف، وتزوير حقائق. بحثت عنّا. أين نحن من هذه الأزمة؟ فوجدتُنا آخر الركب كما العادة. تحت أقدام الأمم.
وفيما كان الغرب وأمريكا يستميتان لإضفاء الشرعية على دولة القردة والخنازير، كنا جالسين في الصف ننتظر الأوامر من الأسياد ونغض الطرف عمّا يحصل. تواطؤ بطعم المشاركة في المجازر. توقفت عن المتابعة. آسفة يا فلسطين لم أستطع الرؤية أكثر. آسفة فما رأيته أوجع قلبي وآلمني بشدة. آسفة لأنكم ترونه واقعا ونراه من وراء حجاب.
آسفة يا فلسطين لأن الخنجر الذي يطعنك ليس عدوك الذي يقاتلك هناك، ولكنه نحن الذين ارتضينا بهذا وصادقنا عليه بصمتنا. آسفة لأنني لا أملك إلا الكتابة وآسفة لأنها لا تعبر عما يجيش داخلي من ألم. تزورني كلماته باستمرار: «دست الكلمات وألقيتها لكم يوم رأيت أنها بلا نفع…»، لم أتلقَ منه رسالة من مدة وكنت صاحبة لوم وعتاب فأنبته. اكتفى بالرد علي: «الإنسانية أهون من أن ندخلها في كلمات… تابعي الأخبار ولا ملامة…»، لست من هواة مواقع التواصل الاجتماعي. لا أملك حسابات هناك غير حساب يتيم. إيميل أستعين به في المراسلات. لذلك فتحت التلفاز لأرى ويا ليتني ما فعلت…
آسفة يا فلسطين. آسفة يا أرض المقدس. لم أستطع التحمل أكثر. كنت أبتعد عن الغرفة وأرفع الصوت لأسمع دون أن أرى. أصابني الغثيان. وفي الليل وجدت نفسي أبكي على وسادتي، أبكي على الشهداء، على فلسطين، وعلى كرامتنا التي ضاعت. ضاعت؟ التي بيعت. بيعت؟ لا، لم تضع ولم تُبَعْ. بل منحناها عن طيب خاطر مع أموال طائلة تصب في بنوك أمريكا وأوروبا، وأنابيب نفط وغاز يسيرون بها سفنهم وطائراتهم لضرب فلسطين، ونحن نلتف حولها نشاهد ولا نجرؤ حتى على الكلام.
تعبت. لم تعد لي طاقة. وأُتْخِمْتُ مما يحصل. دخلت حالة اكتئاب شديدة. وفقدت شهيتي. لم أملك إلا أن أصلي من أجلهم وأرفع يدي للدعاء لهم: «عيوننا إليكِ ترحل كل يوم… ترحل كل يوم، تدور في أروقة المعابد، تعانق الكنائس القديمة، وتمسح الحزن عن المساجد«، آه يا فيروز لو تعلمين أننا لم نعد نقدر حتى على الغناء من أجل فلسطين… أخذت قلمي وعلى لحن زهرة المدائن رثيت حالنا ودعوت الله واستأمنته فلسطين وأهلها.»