اغتربنا عن وطننا منذ أمدٍ بعيد .. تأقلمنا أنجبنا وربينا أولادنا في بيئة محصنة اختلقناها مختلطة بثقافات مجاورة ومشابهة لثقافتنا .
لكن في وداع أولادنا تضعنا أبواب المحطات والمطارات على مفترقات جديدة كل مرة … مفترقات حتمية . … ونتساءل هل فاتنا شيء من تربية أبنائنا طوال السنوات الماضية علينا ان نعتصره من خبرتنا الآن، نكثفه ونقدمه كملاحظات و كتعليمات تنوب عنا وتصحبهم في اغترابهم الثاني،
نشعر أننا في سباق مع الزمن؛ نريد أن نذكرهم بالاستقامة التي تربوا عليها بالأمانة وبصدق التعامل، و بكل خلق حسن يؤهلهم ليكونوا سفراء لبلدهم الأم يشرفونها فيرممون بعض مانال صورتها من أوزار الحرب التي زُجت بها رغمًا عنها .
نتمنى لو أننا ننفخ رمقَ روحٍ أخير باعتزازهم بوطنهم الأصلي لا ذلك الذي تربوا فيه واغتربوا عنه ..بل وطنهم المصلوب الذي مازال ينزف مقدراته وأبنائه على خشبة لم يترجل عنها منذ سنوات ولم تحن له بعد قيامة .. وطن دافئ بذكرياته البعيدة …. وبذكرياته الكثيرة غير أن زمن الفراق لا يتسع لاستظهارها .. فيرحلون وقد عششت في أذهانهم مزق ذكريات تصطف جنبًا الى جنب مع صور الدمار واليتم وقهر اللجوء ..
نأتي لنذكرهم بالفارق الحضاري بين ما ألفوه وبين ماهم مقدمين عليه فنبدو مرتبكين .. مضعضعي الفكر .. نبدو سذج في عصر أصبحت فيه الشبكة العنكبوتية أجدى نفعًا مننا ومن تعليماتنا ومن خبرتنا ..
نشحذ خبرتنا ..و نقدح فكرنا ..و نجمل عباراتنا فقد تكون هي الأخيرة .. وتكون هي إرثهم منا بعد أن ضاع إرثنا ممن سبقنا .