بقلم: طيار مهندس محمد الشعلان
ضابط الاتصال وخبير التحول الرقمى
باحث فى أمن المعلومات
————-
لا تعتريني المخاوف حيال العواقب الناجمة من استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، فمع استخدام التطور العصبي، أصبح من السهل انشاءبيئاتٍ افتراضيةً وتطوير الكائنات الرقمية وتسخير نشاطها العقلي لحل مهامٍ متزايدة التعقيد. الآن نتخذ خطواتٍ أوليةً لتطوير الآلات التي يمكن أن تقوم بمهام الملاحة البسيطة واتخاذ القرارات، لكن سرعان ما ستتطور الآلات لتصبح أكثر ذكاءً وقدرةً على تنفيذ مهامَ أكثر تعقيدًا. سنجد الحلول للقضاء على الأخطاء من خلال عملية التطوير، ما يقلل من نسبة النتائجَ الغير مرغوبة. وهناك احتمالٌ آخر هو استخدام التطوّر للتأثير في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، حيث يمكننا إعداد بيئاتٍ افتراضيةٍ لإعطاء مزايا تطويريةٍ للآلات التي تُظهر الجانب الإنساني. ربما هذه وسيلةٌ لضمان تطوّر الخوادم الرقمية.
كباحث سابق في هندسة وعلوم الحاسوب بجامعة هارفارد اكتسبت خبرة عميقة في تطوير الخوارزميات المعقدة وتحليل البيانات الكبيرة، مما مكنني من المساهمة في مشاريع بحثية رائدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، بالإضافة إلى تعزيز فهمي لتطبيقات البرمجيات في مجالات متنوعة مثل الرعاية الصحية والأمن السيبراني؛ ولذلك لم اتصور بعد ماأريده للذكاء الاصطناعي أن يصل إليه! بالطبع، ذلك لأننا لا نعرف حتى الآن ما هو قادرٌ عليه، لكننا نحتاج إلى أن نقرر ماهي النتيجة المرجوة من تقدمه. يولي الناس اهتمامًا كبيرًا للعمل، ومع ذلك تستطيع الروبوتات القيام بالعمل البدني الشاق والذهني الفائق، فبدلًا من الحصول على المساعدة الطبية في غرفة الطوارئ، يمكن أن يفحص المرضى ويشخص أمراضهم نظامٌ خبير مع إمكانية الوصول الفوري إلى جميع المعلومات الطبية التي جُمِعت. ربما في يومٍ من الأيام ستقوم الآلات بجميع الوظائف البشرية. في مجتمعنا الحالي يتسبب التشغيل الآلي في تسريح عددٍ من الناس من الوظائف، تلك ليست مشكلةً علميةً إلا أنها مشكلةٌ سياسيةٌ اجتماعيةٌ ينبغي علينا كمجتمعٍ حلّها.
إذا استمر الذكاء الاصطناعي في التحسن حتى يتجاوز الذكاء البشري فهل سيجد نظام الذكاء الفائق، أنه لم يعد بحاجةٍ للجنس البشري؟ كيف نبرر وجودنا في مواجهة الذكاء الفائق الذي يستطيع القيام بأشياء لا يمكن للبشر القيام بها؟ والسؤال الرئيسي في هذا السيناريو هو لماذا يجب أن نبقي الذكاء الفائق حولنا؟ أود أن أقول بأن التنوع له قيمةً في حدّ ذاته وأن الكون أكبر من كل سفاسف الأمور؛ لدرجة أن وجود البشرية فيه ربما لا يهم على الإطلاق. إلا أنني لا أتكلم عن البشرية جمعاء ومن الصعب أيضًا أن أجد مبررًا مقنعًا لنا جميعًا. أستشف خطأً كبيرًا عندما ألقي نظرة حادةً علينا جميعًا، نحن نكره بعضنا، ونشن الحروب على بعضنا، ولا نوزع الغذاء والمعرفة بمساواةٍ، إننا فقط نستهلك هذا الكوكب! هناك العديد من الأشياء الجيّدة في هذا العالم لكن وجود كلّ خطأ يُضعف حجتنا. ولحسن الحظ لا نحتاج إلى تبرير وجودنا حتى الآن، لدينا بعض الوقت، وهذا يتوقف على مدى تطور الذكاء الاصطناعي كأنواعٍ يمكن أن تجتمع معًا، والتوصل إلى إجابةٍ جيدةٍ عن السبب في أن الذكاء الاصطناعي لا ينبغي أن يشملنا فقط. إلا أن ذلك سيكون صعبًا، إن القول بأننا نعتنق التنوّع وممارستنا ذلك فعليًا أمران مختلفان، كقولنا إننا نريد إنقاذ الكوكب؛ لهذا نحتاج جميعناإلى الاستعداد لكافة الاحتمالات الممكنة، وذلك لاستخدام الوقت لشرح ماهية نوع تلك الإبداعات التي يجب أن تسمح لنا بالاستمرار في الوجود أو يمكننا أن نقرر الاعتقاد بأنه لن يحدث أبدًا فينبغي التوقف عن القلق تمامًا، لكن بغض النظر عن التهديدات المادية التي قد تواجه الذكاء الفائق فإنها تشكل أيضًا خطرًا سياسيًا واقتصاديًا، وإذا لم نجد طريقةً لتوزيع ثرواتنا بشكلٍ أفضل فإننا سنعمل على تغذية الرأسمالية بعمال الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي لا يخدم إلا القليل جدًّا ممن يملكون جميع وسائل الإنتاج.