مقالات الكتاب

رحلة

بقلم د.ميادة يوسف محمود

هي لم تستطع اتخاذ القرار، كانت تناقضاتها اكبر حجماً ومعنىً وإيلاماً،
فغالبا السفر يجعلك تتصرف بغرابة، خصوصا إذا كانت رحلة للعلاج…
هي لم تغادر بيتها يوما، كانت تقضي كل الوقت فيه، تهتم بكل تفاصيله..
تحب تلك الجلسة التي تدعوني إليها في مقتبل الصباح لإحتساء فنجان القهوة معها على طاولة صغيرة في فناء منزلها الجميل..
ولا تنفك تحدثني عن تلك التغييرات التي تحدث معها ومع زوجها الأنيق شكلاً ومعنى،
أغادرها وتبدأ هي بتنسيق الزهور وتحضير الاطباق واشعال الشموع والموسيقى الكلاسيكية حتى يعود عجوزها الانيق..
جارتي كانت بلسم الحي وطلة الصباح ورائحة الخبر المحمص، كانت ألوان ملابسها مفعمة بالحياة ومقتنياتها كانت معتقة بزمنها الحنون ولمساتها الكريمة،
حين انتابها المرض.. لم تلعنه يوما، كانت تحاكيه أن يغادر جسدها فطفلتها الوحيدة ستنجب قريبا ووعدَتْها ان تكون بقربها..
وعجوزها الانيق بعوده الخشبي مازال لديه لحن جديد لم يسمعها إياه..
لكن المرض لم ينصت لحلاوة لسانها وعذوبة اخلاقها معه، حتى اجبرها على السفر
حقيبتها كانت حمراء وضعت بها التفاؤل بالعودة منتصرة، وودعتنا قائلة ( انتظروني)
ثم ذهبت …
ونحن نفتقدها بشدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى