الرسالة الخامسة
إلى صديقتي :
دعيني أكمل لك جانب الحكاية الذي لا تعرفينه..
تمت الخطبة أخيراً… أصرّ أبي أن تكون قراءة فاتحة، و تبادل خواتم فقط، أما عقد القران والمراسم الأخرى، فقد فرض تأجيلها إلى ما بعد التخرج.
لبستُ خاتم الخطوبة بعد اسبوعين من الجمعة التي حضر فيها عمي ومعه جاهة الرجال، إشترط أبي أن لا يحضر العريس ليلبسني الخاتم.. ألبستنيه أخته …. بدت لي تلك؛ مسألة يمكن التغاضي عنها طالما سنصير لبعض.
في الكلية كنا نتغيب عن المحاضرات لنجلس سوياً في حدائق الكلية نتكلم ونتكلم ونتكلم … حدثني عن ايام الثانوية.. وايام طويلة امضاها ينتظرني في تحت الشمس وفي صقيع البرد…
كان يردد دوماً ابيات لابن الملوَح:
أتاني حبها قبل أن أعرف الهوى … فصادف قلباً خالياً فتمكنا …
خططنا للمستقبل وكأنه حقيقة وواقع مسلم به .
مرت سنتان ونصف واقترب موعد تخرجنا…مرت كالحلم كان حبي له لا يعادله شيء.. وكلانا يتطلع لليوم الذي سيظلنا فيه سقف واحد ..
و حين إنتهت الإمتحانات النهائية؛ باشرنا بإجراء الفحوص المختبرية للمقبلين على الزواج.. وقتها اتصل بي زياد ليخبرني أن الفحوصات تمام وغداً سيمر ليأخذني وأمي لانتقاء النيشان..
ان تُحِب وتُحَب.. فتلك نعمة كبيرة.. أما أن تبارك السماء حبك وتضعه في طريق الحلال.. فتلك نعمةٌ أكبر ..
كان ذلك آخر صباح ضحكت فيه من قلبي …
ظهيرة سوداء.. حين عاد أبي من عمله يرغي ويزبد… دخل إلى البيت مغاضباً.. وما أن رآني حتى انقضّ عليّ وشدني من شعرني.. حاولت امي ان تخلصني من بين يديه.. فدفعها بقوة ونعتها بأشنع النعوت … وألقى عليها يمين الطلاق وطردها إلى بيت أخيها.. نجح اخوتي في تخليصي من بين يديه بعد أن خسرت حوالي نصف شعري و كسبت بعض الكدمات هنا وهناك.
رفضت امي مبارحة المنزل…
_اخاف أني إذا ذهبت قد يقتلها … إنه مجرم..
هكذا سمعتها تقول لزوجة خالي على الهاتف.
أخبرني أخي بعد ذلك أن ابن عمتي زار أبي في الدكان وأخبره أن الفضيحة تلوكها كل الألسن في كل العشيرة… إن سهاد تعشق شاباً في الجامعة وأن الزواج سيتم لردم الفضيحة.
وقبل أن تغرب شمس ذلك اليوم… حمل أخي خاتم الخطوبة وأوصله إلى بيت زياد:
_ بابا يقول ما عدنا بنات للزواج.. كانت تلك هي الرسالة الشفوية التي حملها أخي..