مقالات الكتاب

سهاد – قصة قصيرة – الرسالة السادسة

د. رجاء صالح الجبوري

الرسالة السادسة :
حضر عمي بعد ثلاثة أيام.. لا أدري كيف نجح إخوتي الصغار في إيصال شكواي إليه.
بعد جدال طويل ومشاحنات كادت تصل إلى استخدام الأيدي، نجح عمي في أخذي إلى بيته..
غادرنا البيت بينما عمي يشجب ويندد:
_ لن ارجعها إليك أبداً، ستكون ابنتي منذ اليوم.
هكذا صرت من سكان الشمال الذي صار فيما بعد إقليماً شبه مستقل.
لعمي ولد واحد يعيش في قارة بعيدة و سبع بنات.. كلهن يكبرنني سناً.. وهكذا صرت الأخت الصغرى المدللة… مرّ الصيف، وطيف زياد يلاحقني وذكرياتي معه تؤرقني وتسلب من اجفاني الرقاد ..
كان خوفي من أبي يفوق شوقي إلى المحبوب الذي هجرته راغمة..
تعافيتُ أخيراً واستعدت اتصالاتي بصديقاتي وبعض الزملاء.. علمت منهم أن زياد رحل.. غادر الديار إلى دولة عربية مجاورة تمهيداً لهجرة أبعد..
اتضح فيما بعد أن لا وجود لأية فضيحة.. فأقاربي وأبناء عمومتي معظمهم لا يعلمون أني كنت مخطوبة من الأساس . إنها فقط وشاية دنيئة من ابن عمتي الذي كان طالباً في كلية القانون حينها ، وربما كان يراقبني عن بعد.
لم يتوقف الخاطبين عن طرق بابي، لسبب بسيط؛ شقراء في مجتمع شرقي.
لم يعبأ احد بقلبي وما يؤلمه ويملؤه بالحسرات.. دمية جميلة يتسابقون للحصول عليها دون الاكتراث بقلبها الذي انتزع منها عنوة.
ثلاثة أعوام في الشمال.. كانت تمثل هدنة أو استراحة محارب بالنسبة لي..
رن الهاتف ذات ليلة..
ابي مصاب بجلطة دماغية وراقد في المستشفى بين الحياة والممات.. رافقت عمي عودةً إلى مدينتي الأم .. لأن الدنيا لا تساوي شيئاً والمسامح كريم على حد تعبير عمي ذي القلب الكبير .
نجا أبي من تلك الجلطة.. لكنه قتلت يمينه الذي اوسعتني ضرباً واخرست لسانه الذي طرد أحلامي حين إدّعى أن لا بنات عنده للزواج.
هكذا عدت إلى بيت أبي .. تقدمت للدراسات العليا.. وصرت احصد النجاح تلو الآخر…
توهمت أنني نسيته… رفضت كل من تقدم لخطبتي .. ببساطة لان زياد كان القالب الذي قست عليه كل من وقف في طريق قلبي، والميزان الذي وزنت به كل من إدّعى حبي.. وهكذا فشل الجميع… في خطف ارتعاشة من قلبي أو لمعة في عينيّ..
Suhad

رسالة جديدة من عنوان غريب وصلت بريدي الإلكتروني بعد يومين من محادثتي الأخيرة مع سهاد.
نقرت على الظرف الصغير الظاهر في أعلى يمين شاشة هاتفي الذكي لأقرأ :

لا أعلم أن كنت ستقرأين خطابي ام لا…
سيدتي الكاتبة.. أتعلمين ما يفعله بي احساسي بالذنب؟
يكاد يلتهمني.. يوشك أن يحرقني.. فأنا التفاحة المسحورة تلك التي قضمتها الجميلة؛ لتنام إلى الأبد .. وابرة النول التي وخزت بنان الأميرة؛ لتنطفأ من بعدها مملكة بأسرها لمئة عام..
لو أنني لم أقف في ذاك الشارع كل صباح؛ لأطالع جديلتها الذهبية.. لو أنني لم الحق بها إلى كلية الآداب… لو أنني تركتها تفتح قلبها للحب والدنيا .. لو أنني لم أُحِط بعالمها من كل صوب … لو أنني لم أُحكِم إقفال أبواب قلبها حين رحلت..
ربما كانت ستختلف الحكاية…

فهل تعود الجنية لتمنح الأمير قلبا شجاعا ليخترق ظلمات عالم حبيبته المسحور بالعتمة ويضيئه من جديد… هل تكفي قبلة يطبعها على جبين الجميلة ليورق قلبها من جديد…
Zeyad

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى