الرسالة_ السابعة والاخيرة
استلم بريدي الإلكتروني رسالة جديدة من عنوان غريب نقرت على الظرف الصغير الظاهر في أعلى يمين شاشة هاتفي الذكي لأقرأ :
لا أعلم أن كنت ستقرأين خطابي ام لا…
سيدتي الكاتبة.. أتعلمين ما يفعله بي احساسي بالذنب؟
يكاد يلتهمني.. يوشك أن يحرقني.. فأنا التفاحة المسحورة تلك التي قضمتها الجميلة؛ لتنام إلى الأبد .. وابرة النول التي وخزت بنان الأميرة؛ لتنطفأ من بعدها مملكة بأسرها لمئة عام..
لو أنني لم أقف في ذاك الشارع كل صباح؛ لأطالع جديلتها الذهبية.. لو أنني لم الحق بها إلى كلية الآداب… لو أنني تركتها تفتح قلبها للحب والدنيا .. لو أنني لم أُحِط بعالمها من كل صوب … لو أنني لم أُحكِم إقفال أبواب قلبها حين رحلت..
ربما كانت ستختلف الحكاية…
فهل تعود الجنية لتمنح الأمير قلبا شجاعا ليخترق ظلمات عالم حبيبته المسحور بالعتمة ويضيئه من جديد… هل تكفي قبلة يطبعها على جبين الجميلة ليورق قلبها من جديد…
……..
Zeyad
………
كنت عقلي منشغلاً بحياكة النهايات المحتملة لقصة صديقتي وحبيبها السابق حين أعلنت رسالة أخرى وصولها إلى بريدي :
مرحبا يا صديقتي :
طلب زياد عنوان بريدك الإلكتروني فارسلته إليه…
ماذا قال لك؟ أخبريني.. أطالبك بكل تفاصيل حواركما كتبت مضيفة وجها تعبيريا يضحك حتى تدمع عيناه.. ثم استرسلت تكتب وكأنها نسيت امر مطلبها السابق :
تكلمنا بالأمس طويلاً… حدثني عن زوجته .. تصوري … انها عشرينية.. تنتظر مولودتها.. التي قد تصل بالسلامة بعد ثلاثة اسابيع… تخيلي معي:
سيدة عشرينية ببطن منتفخة تكاد تصل انفها يتحسسها خمسيني تضيء خيوط الفجر بعض شعر لحيته يتوسطهما صبي في الرابعة يحمل بالوناً زهري اللون كُتِب عليه
_It’s a girl.
حاولي يا صديقتي ان تجدي لي مكاناً في هذه الصورة
طفح الحزن من عبارتها الأخيرة حتى أغرق قلبي أنا التي أبعد عنها مئات الكيلومترات.
لم تعد سهاد إلى ذكر زياد مدة شهر بأكمله كانت تخابرني كل يوم دون أن تأتي على ذكره فلم يكن من عادتها ان تنبس باسمه أو بأي ما يخصه في مكالمة صوتية؛ فقد كان ذكره عندها يقتصر على الرسائل المكتوبة
وقبل انتهاء الشهر عادت صديقتي لتكتب… علمت حين اعلمني شريط المهام على حاسوبي اللوحي أن رسالة قد وردت من سهاد ان صديقتي قد عادت لتتكلم عن زياد :
مرحبا كاتبتنا كيف حالك :
انقطعت اتصالات زياد ومراسلاته لأسبوعين أو أكثر ليعود بعدها بملف!
أجل ملف، هكذا أخبرني واتس آب :
لقد أرسل إليك زياد ملفاً.
نقرت وبعد ثوان من دوران المؤشر انفتحت المغارة، كانت تحوي صورًا لرضيعة بعينين مغمضتين … بالحضينة تارة وبثياب زهرية اللون تارة أخرى، صورة لها تتثاءب، وصورة بينما تمطط ذراعيها، وصورة مقربة تبرز عينيها، كانت الأخيرة مذيلة بعبارة
_ وأخيراً فتحت عينيها .
“سهاد الصغيرة” كان هذا هو عنوان الملف.
كتبت له بعد السلام والتبريكات :
_ تستحق اسماً أجمل. فأجاب :
_أجمل من سهاد؟!
خلبت الصغيرة لُب أبيها.. ظل يكتب لي عن لساعة كاملة عن أوقات نومها وعن أغانيها المفضلة، تصوري أن يكون لصغيرة بعمر عشرة أيام أغانٍ مفضلة لا تنام إلا بسماعها..
_ إنني الآن في إجازة ولا ادري كيف سأعود إلى العمل بعد يومين.. لا أظنني سأطيق بعدها ولو لساعة واحدة .. سأقترح على المؤسسة حيث أعمل النظر في قضية منحي إجازة الأبوة، ههههه.
كان هذا نص إحدى رسائله..
قال إنه سيأتي إلى بغداد بعد شهر، ولابد أن نلتقي لنحسم أمرا ظلّ معلقاً منذ سنوات.
تصوري يا صديقتي… فكري معي كيف لي أن أنتزع أباً كزياد من بين صغاره.. كيف لي أن أقبل أن تحظى هذه الطفلة المدللة بنصف أب … أو والد بدوام نصفي؟
أ لا يزال في قلبي متسع للحب يا صديقتي ؟ لا أظن ذلك .. قلبي المترع بالذكريات لم يعد قادراً سوى على التذكر… دقاته وارتعاشاته لم تعد تختلج إلا لما مضى .
سأوقف الصورة على هذا المشهد… اب ٌمثالي يمرح مع صغاره.. يخبئ في جيبه دفتر مذكرات بحجم محفظة النقود.. هناك سأختبأ بين ثتيات ذكرياته وليعش لنفسه ولصغاره وزوجته ..
أما أنا فلدي الكثير لأعيش عليه..
Suhad
تمت