«صرخة مدوية» أطلقها من أعماق قلبي وروحي وحنجرتي اريدها أن تصل إلى عنان السماء
انا د. هند البُديري، المؤرخة الفلسطينية في العقد الثامن من عمري..
حرمت من وطني ومن مسقط رأسي القدس،
وحرمت بسبب ذلك من كل شيء من حقي، بوطن آمن اترعرع به و أسعد في ربوعه..
حرمت من أهلي و من صلة القربى كلها..
حرمت من الاعتزاز بوطني الذي أنتمي إليه، من بيتي من كل ركن دافئ ومزهرية
و كتب علّي التشرد واللجوء.
وطني اغتصب عنوة و حرمت كما حرم شعبي كله منه!
أطلق صرخة مدوية مدوية حتى تصم آذان العالم الظالم على اتساعه
الذي يكيل بمكيالين و يساعد الظالم المغتصب و يمنحه بركاته و مخازن أسلحته المدمرة، و أمواله و يسّير له عتاده و بارجاته و أساطيله وحاملات طائراته و جنوده. و يهاجم غزة برا و بحرا و جوا بأسلحة تكفي لتدمير العالم كله
في حين أن مساحة غزة العزة كلها من أقصاها إلى أقصاها ليست سوى 650 الف كيلو متر مربع تقريبا لاغير، توازي مساحة بلدة أومدينة صغيرة.
يسكن بها شعبها المناضل الذي بلغ تعداده قبل المذابح مليونا وثلاثمائة الف مواطن، متكدسين في هذه المساحة الصغيرة، لذا تعتبر غزةأكثر الأماكن ازدحاما بالعالم.
ذاقت مر و مرارة و شظف العيش، سدت امامها كل سبل العيش الكريم وحرمت من كل مقوماته، فضلا عن أنها أكبر سجن مفتوح فيالعالم
ثم بعد كل هذه المظالم و العذاب و انسداد كل الآفاق في النهاية، كان لا بد من الانفجار العظيم المدوي بطوفان الأقصى نصرهم اللهنصرا مؤزرا.
إنه حق أزلي با الدفاع عن النفس و ليخرس كل العالم المتشدق بحقوق الإنسان و بحقوق الدفاع عن النفس و الحرية و الإخاء و المساواة والديموقراطية و كل هذه الترهات.
فما لا يسكن تحت جلودهم الا العنصرية البغيضة و الشوفينية المتعصبة و السادية و الفوقية و الكيل بمكيالين.
هذه أرضنا و أرض أجدادنا منذ الأزل و حتى الأبد،
و لن نغادرها الا إلى السماء و السماء فقط.
و دون ذلك فلتكن شلالات الدم المسفوك في كل دقيقة في كل دقيقة.
نحن نطالب بحقوقنا الثابتة و المؤكدة وفق الحقيقة المطلقة و وفق القرارات الدولية التي تحمي حق الدفاع عن النفس.
نحن مع فلسطين القابعة تحت الاحتلال و حقوقها الكاملة بالنضال و الدفاع عن النفس.
نحن ضد هذه الهجمة الإجرامية، الشرسة على غزة العزة و هذ العقاب الجماعي، و هذا التطهير العرقي و الإبادة الجماعية و القصفالمروع لكل أسلحة قوى الشر، بعشرات الآلاف من الصواريخ التي تبيد العمارات السكنية التي تحوي العديد منها نحو مائة شقة على رؤوسساكنيها، دون سابق إنذار و على المستشفيات و المدارس و الجامعات و المخابز.
بإحاطتها بأحزمة نارية، اي عدة صواريخ تسقط على كل مربع سكتي من كل جهة حتى تسوي المربع السكني كله بالأرض و تقبر ساكنيهتحت الأنقاض.
كما دمرت كل البنية التحتية في غزة، لتعيدها للعصر الحجري.
هذه أرضنا وأرض أجدادنا منذ الأزل وحتى الأبد.
و لن نغادرها الا إلى السماء و السماء فقط
و الحقوق لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمان
و سنرجع نرجع ياوطني.