مقالات الكتاب

صفحة من مُفكرة أم

بقلم: د. رجاء صالح الجبوري

انه صباح يوم عطلة .. منبهات الهواتف المحمولة جميعها تم اسكاتها قبل ليلة ، والكل يتوعد بالنوم حتى منتصف النهار .. اهتز هاتفها تحت وسادتها في موعده ككل يوم…
نهضت قبل الجميع وشرعت تُحضرُ الفطور.. ومن الفطور إلى تنظيف وترتيب المنزل وطي الثياب وتلميس شراشف الأسرّة وفتح النوافذ لتهوية المنزل ؛ بينما تدور غسالة الثياب بطاقتها القصوى ، وتئن جلاية الصحون تحت حملها الثقيل..
وما هي الا ساعات قليلة حتى عبق البيت بروائح لذيذة أدمعت لها حليماتنا الذوقية..لتزخر مائدتنا بعد ساعات بما لذّ وطاب.. ؛ كبة باللحم لي ولأبي ، وكبة بالدجاج لجدي الذي يشكو من الكوليسترول وطبق نباتي لأختي التي تسمى نفسها فيگان ، حساء وسلطة لأخي الذي لا يعجبه شيء..
تحلقنا حول السُفرة …هناك من يأكل وهناك من يعطي ملاحظات حول الملح والتوابل بينما امي تطعم أخي الصغير…
وأخيراً شبع الصغير ومشى مبتعداً بإتجاه الباب ، التفتت أمي لتسكب لنفسها مما صنعته يداها… وعندها طرقت أولى قطيرات المطر على زجاج نافذة غرفة الطعام.. وضعت امي ملعقتها على الطاولة وازاحت طبقها حانباً.. وركضت إلى سطح البيت تفقز السلالم وتتمتم.. ستبتل ثياب المدرسة…
وبعد دقائق طويلة عادت أمي ظافرة بثياب مدرستنا قبل أن ينال منها ماء المطر.. كنا قد اتممنا غدائنا.. راحت امي ترفع الأطباق الفارغة عن الطاولة.. وحين سألتها جدتي:
_ أ لن تأكلي؟
قالت..
_بعد توظيب المطبخ.
وبعد توظيب المطبخ… صار هاتف أمي يرن بالرسائل دون توقف وكأن اسهالاً أصابه..
وحين سألتها عن مصدر كل هذه الرسائل؛ قالت :
_ انهم تلاميذي يحتاجون مشورتي.
الأمومة مهنة لا عُطلة فيها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى