غيمة ، غيمتان ، ثلاثة ، اربع
احتشدت الغيوم في سماء صباحنا ذاك ، فقلت :
_لن تمطر .
وبعد دقيقتين عبقت في الاجواء تلك الرائحة الحبيبة التي تشبه كل ما هو جميل ، فاذا بقطرة مشاكسة تسقط على رأس القط الغافي على السور ، قفز القط نافضاً فراءه بنزق وفر هارباً من تلاحق دموع السماء التي بللته بسرعة لم يتوقعها هو ولا أنا . عمّت اجواء البهجة فقال جارنا المسن بصوته الشجي:
_اللهم صيباً نافعاً.
ثم وقف طالب الادب العربي القاطن في الشقة المقابلة حاملاً ديوان السياب وراح ينشد :
_اتعلمين أي حزن يبعث المطر ،،،، وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر
رقصت طفلة تحت المطر بينما تغني
_مطر … مطر …مطر … بالنعمة انهمر .
ثم ردت عليها صديقتها القادمة من البيت المقابل
_يا إخوتي جاء المطر …هيا اجلسوا تحت الشجر .
شعرت قطرات المطر بفرحة أهل الارض بقدومها فصارت تتسابق لتداعب رؤوس الاطفال وتشاغل مظلاتهم بمرح ، وتستحث العشاق على اشتهاء التبلل مع من يحبون ، وحمل العجائز على المزيد من التراتيل .
فزادت شدة المطر وسادت الوطن اجواء الفرحة والحبور .
وحينما أبرقت ثم ارعدت قالت جدتي :
_ستكون هذه سنة (چمة)
لكن احداً لم يفكر ان سقف الوطن مثقوب ومجاريره خارج الخدمة .
ففاق الغيث قدرة البنية التحتية على الاحتمال ، وفي الصباح التالي أُعلنت حالة الطوارئ وغرق ديوان السياب وكراسة الاناشيد وسجادة الحجي ،فجاء صباح الوطن كصبيحة اعصار .
لكنها حتما ستكون سنة چمة سعيدة