الناس على كوكب الكبار يولدون كباراً ، فحين وُلدت «آنا». ذات أصيل ربيعي جميل ، شرعت ككل الصغار بالبكاء إعلاناً عن وصولها ، فزجرتها الممرضة المسوؤلة عن رعاية الصغار وقالت :
_هيي أنت اصمتي ، إنك كبيرة بما يكفي ، توقفي عن إحداث الضجيج ودعيني أساعد هذا الخديج الذي ولد بعد سبع شهور من الحمل .
فشعرت آنا بشيء من الزهو كونها أكبر من ذلك الولد الضئيل الذي يشاركها ذات الحاضنة ، وتوقفت عن البكاء .
وبعد عامين بكت آنا طلباً لرضّاعة الحليب فاخبرتها أمها انها كبرت على (الممة). و أنها ليست بعمر(حمودي) ابن الجيران الذي لا يزال يشرب الحليب من رضّاعة .
وفي سن الثالثة بكت حين رفضت أمها أن تصحبها معها في جولة تسوق ، ربتت الأم على شعر ابنتها وقالت لها إنها كبيرة ولن تبكي حينما تغادر ماما .
وفي سن السادسة وفي يومها الأول في المدرسة ، اختارت لها المعلمة مقعداً في آخر الصف ،فقد نمت آنا بسرعة لتكون أطول بنت في صفها ، بررت المعلمة قرارها بكلمة واحدة (كبيرة )
وفي سن العاشرة ضحك اخوها منها حين رآها تلعب بالدمى وقال :
_كبيرة وتلعب بالدمى هههه
فصارت آنا تلاعب دماها في غرفة الخزانة في السر ، هرباً من سخرية الاخ الأكبر.
وبعد عامين اكتشف الأب أن البنت تهرب الى غرفة الخزانة لتحادث دماها ، فهمس للأم بقلق :
_ علينا أن نمنح آنا المزيد من الاهتمام ، لقد رأيتها تكلم نفسها في غرفة الخزانة .
سمعت آنا ما قاله أبوها ، فهجرت الدمى كي لا تُقلق أباها.
وبعد عامين ، قال الجميع ان آنا صارت كبيرة وعليها ان ترتدي الحجاب ففعلت ، وحين تخرجت من الجامعة صار الجميع ينادي ، انها قد كبرت وعليها أن تتزوج ، فحدث ولكن بعد بضعة سنوات ، وحين ذهبت آنا لتلد إبنها البكر وجدت الممرضة ذاتها بانتظارها فاستقبلتها ووضعت على ملفها علامة تشير الى أن آنا بكرية كبيرة في السن (old primigravida)
وحينما تخطت آنا منتصف الاربعين وبينما كانت تنظر بإعجاب الى قميص جميل بلونها السمائي المفضل قطع عليها بائع الثياب تأملها لقميص الاحلام قائلاً :
_ لدينا مثله بالوان كبارية.
خرجت من المتجر ، وعرجت على مكتبة قريبة ، تناولت كتاباً بعنوان :
_الطفل الذي في داخلك _ اعادته فوراً الى الرف ، اذ
ليس في داخل آنا أي طفل ، فقد وُلدت هكذا _ كبيرة _
حدث بالفعل على كوكب الكبار
