المكان مدينة الموصل ،شمال غرب العراق ، الضفة الغربية لنهر دجلة
الزمان : الثاني من كانون الثاني العام ٢٠٠٠
كان صباحاً بارداً والصقيع يغطي معظم الموجودات غير الحية في شارعنا ،،
انفاسي تخرج على هيئة بخار كثيف كتنين افلت من بين صفحات حكاية خرافية .
ألفية جديدة ، ثم ماذا ؟ مالذي سيتغير ؟ الحصار يضرب كل مكان ، المعاطف المرتوقة منذ زمن الجدات لا تزال تغفو على مناكب المنهكين ، والجوع بادٍ على ملامح الصغار والكبار .
تموء قطيطة تقتعد زاوية قصية عند مدخل البناية لمرآي
أقول في نفسي ساخرة :
_ مرحى ، إنه مواء الالفية الجديدة .
ثقبُ في فردة القفاز ، زوج القفاز الذي اهدتنيه اختي منذ شتاء بعيد ،اجهد لاخفاء الخرق في فردة القفاز، اربط خيطين ببعضهما فيعود اصبعي المطل من المزق ليستتر خلف نسيج خيطان الصوف المتهالكة .
احث الخطى فيجابهني هواء جليدي ،، أنشدت لنفسي :
_ البرد حتى البرد هناكَ اجمل فهو يضطهد الجياع
أكملت المسير حتى ردهة الطوارئ في المشفى القريب ،، كانت تلك هي سنتي قبل النهائية في كلية الطب …
وقفت بالانتظار، حتى تجمع رفاقي ، وجاء الأستاذ ، كان علي ان أُقدم الحالة المرضية ذاك الصباح :
بدأت باليوم والتاريخ ، فقلت :
Second of January…
ثم برهة من صمت
ارتبكت ،فلم اعرف كيف أنطق كلمة ألفين ، كانت جديدةً عليّ ، فعاجلني الاستاذ بالقول :
Year tow thousands
سرت بين زملائي همهمات احتفالية ، شعرنا وكأننا هبطنا على القمر او رسونا للمرة الاولى على شطآن العالم الجديد وربما امتلأت بيوت الجواعى بالخبز ورضاعات الصغار بالحليب وحصل كل مريض على دوائه ،
لا شيء من ذلك حصل انها فقط بهجة البدايات ولمعة الاشياء الجديدة ، والحقيقة ان قفازي يحتاج الى الرتق واصابع قدميّ كادت تتجمد وصوتي كان يرتجف من البرد ، لان الردهة حيث كنت اتدرب لأكون طبيباً تفتقر لأية وسيلة تدفئة .
هكذا ومن تحت ذلك الركام ومن خلف تلك السحب اطلت الالفية التي لم تعد جديدة الآن على عالمنا ،، اطلت الفيتنا في يوم كانت أكبر امنياتي الحصول على قفاز جديد لايحتاج للرتق .