فنون وثقافة

الكاتبة والروائية المصرية الدكتورة رشا سمير

حاورها : عمر شريقي

الأديبة والروائية رشا سمير كاتبة وروائية وطبية وصحفية مصرية وأم لزهرتين هما كل حياتها فرح ونور ،،
بدأت الكتابة وهي في الرابعة عشر من عمرها ، بدأت بكتابة خواطر ثم انتقلت منها لكتابة القصة القصيرة وأخيرا الرواية، لتصبح حصيلتها الأدبية ست مجموعات قصص قصيرة وأربع روايات ، وطبعا لا يسعنا أن نغفل إنجاز أدبي آخر تشرف عليه بنفسها وهو إدارتها لصالون إحسان عبد القدوس الثقافي بتكليف من أسرته، كما أنها تمارس الكتابة الصحفية منذ عشرون عاما بكتابة عامود أسبوعي بدأته في جريدة صوت الأمة ثم نهضة مصر ووصولا بجريدة الفجر المصرية، تكتب مراجعات ونقد أدبي للروايات، وأخيرا إنجازها الثقافي الأكبر وهو برنامج (كاتبان و كتاب) وهي مبادرة ثقافية أخذتها على عاتقها لتعريف القارئ المصري بأدب حقيقي يستحق القراءة بعيدا عن ما يسمى بالأكثر مبيعا ولكنه دون محتوى حقيقي.
مع الكاتبة والروائية الطبيبة رشا سمير كان لـ نورا معها هذا الحوار :

** حول الأدب الأنثوي قيل الكثير، كيف للمتلقي فرز هذا التجنيس من عدمه؟
أنا ضد هذا التجنيس أو التصنيف، وكما ذكرت كثيرا أن فكرة الأدب النسوي تذكرني بقصة كوتة المرأة في البرلمان، لماذا لا نتعامل مع المرأة على أنها إنسان، إنسان قادر على الإبداع والتميز بمجهوده وقدرته بعيدا عن جنسه، القلم قلم دون تصنيف والإبداع من نصيب الجنسين إلا لو ذكرنا فكرة الأدب النسوي وهو بعيد كل البعد عن الأدب الأنثوي، فالنسوية قضية، قضية كل امرأة على وجه الكرة الأرضية، وسواء يتبناها رجل أو تتبناها إمرأة فنحن في النهاية بصدد إلقاء الضوء على قضية تهم البشر، على سبيل المثال الكاتب إحسان عبد القدوس كان قلما نسويا وليس قلما أنثويا، ومن هذا المنطلق يجب أن نصنف هذا النوع من الأدب.


** متى يتوقف العطاء الإبداعي بشتى صوره لدى المبدع ؟
المبدع أحيانا يُصاب بما يشبه فقدان الشهية للكتابة ويفقد قدرته على الإمساك بالقلم، ولكن في حالة المبدع الحقيقي هذا يحدث لفترة قصيرة ثم يعاود المسيرة، أحيانا بسبب سوء الأحوال الثقافية وما آل إليه الوسط الثقافي من خلط بين الغث والثمين،
أما إذا كنت تقصد توقف العطاء الإبداعي للأبد، فالسبب دون شك يكون نضوب معين الإبداع إما بسبب أن الموهبة لم تكن حقيقية من البداية بل كانت مجرد مرحلة وانتهت أما بسبب تكرار الأفكار وعادة ما يموت المبدع بسبب عدم قدرته على التجدد والخروج خارج دائرة الأفكار المتكررة، قولا واحدا.. يموت الأديب متى ينضب معين أفكاره.

** ما هي أهم الركائز الأساسية لنجاح الرواية و القصة في رأيك؟
التشويق هو أحد أهم عناصر نجاح الرواية من وجهة نظري، فمتى استطاع الكاتب أن يجعل القارئ يطوى الصفحات طيا، أو دعني أقول لو استطاع الكاتب أن يبقي القارئ في شوق للآتي دون شعوره بالملل مثلما أبقت شهرزاد شهريار ألف ليلة وليلة في انتظار المزيد، هنا أصبحت شهرزاد من أعظم الحكائين،
أنا كقارئة أبحث عن الجديد، أبحث عن الرواية التي تأخذني صفحاتها إلى مغامرة من نوع خاص، إلى مكان لم أزره، إلى دنيا جديدة..
اللغة أيضا من الركائز الهامة لنجاح الرواية، اللغة الرصينة وطريقة السرد والتلاعب بالمفردات والكنايات والاستعارات، فما أعظم لغتنا العربية التي تحمل من الثراء ما يجعلها كنزا للتعبير عن الأشخاص والأشياء.
القدرة على رسم الأبطال والشخصيات والزج بهم داخل الرواية والإمساك بتفاصيلهم وتقديمهم للقارئ في صورة تماثله وتشبهه حتى يجد نفسه متعلقا بالأبطال وكأنه منهم.

** ما النتاجات الفكرية التي قدمتها الكاتبة الدكتورة رشا سمير للمكتبة العربية ؟
حاولت جاهدة طوال مشواري الأدبي أن أدعم الثقافة العربية، ويقيني أن دور الكاتب لا يقف عند إصداره روايات وكتب، بل يمتد لكونه واجهة ثقافية لوطنه ولقدرته على الإعلاء من شأن مجتمعه ومن حوله.

لذا أحترم وأقدر الكاتب الأفغاني خالد الحسيني الذي ربما لم تتخطى إصداراته الروائية عدد الثلاث روايات إلا أنها روايات عكست صورة أفغانستان وما تعانيه، توقف عن الكتابة منذ سنوات وليكرس جهوده للعمل مع اللاجئين ومساعدتهم بشكل إنساني يُحترم.
من هنا قررت أن يكون لي موقف ثقافي اجتماعي بجانب المشوار الأدبي، لي عشر إصدارات أدبية،أربع روايات طويلة وست مجموعات قصص قصيرة،
أتشرف بإدارة صالون إحسان عبد القدوس الثقافي منذ أعوام، كما قمت بإدارة العديد من الندوات الثقافية للإسهام في الارتقاء بالمجتمع، قمت بعمل مبادرة عنوانها (كاتبان وكتاب) تشرفت فيها عبر الزووم باستضافة مجموعة متميزة من كافة أنحاء الوطن العربي ومن أوروبا أيضا مثل سعود السنعوسي، بدرية البشر، جان دوست، أميمة الخميس، هيفاء بيطار، واسيني الأعرج، جيلبيرت سينويه، هشام مطر، محمد المنسي قنديل، ريم الكمالي، رانيا المعلم، حبيب السالمي وغيرهم.. هذه المبادرة أعتز بها لأنها جمعت القراء والمشاهدين عبر الوطن العربي كله للمتابعة وهو انعكاس لنجاحها ووصول الرسالة التي قامت المبادرة من أجلها.
أذهب أيضا إلى المدارس والجامعات لعقد ندوات وحوارات مع الطلبة وهو ما أعتبره تواصل مطلوب وهام بين الأجيال.

** ومن أبرز زوار هذا الصالون من الادباء والاديبات من هم ؟
استضفنا الكاتب الصحفي عادل حمودة، السياسي مصطفى الفقي، الشاعر والسيناريست مدحت العدل،الفنانة الكبيرة نبيلة عبيد، الفنان الكبــــــــير حسين فهمي، الطبيب النفسي احمد عكاشة،
الفنان سمير صبري،الدكتور حسام بدراوي، الاذاعي الكبير فهمي عمر،
والوزيرة مشيرة خطاب ووزير الثقافة الأسبق فاروق حسني.

** ما رأيك في موجة مواقع التواصل الاجتماعي، و هل تساهم في متابعة القارئ للإنتاج الأدبي؟
مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، لأنها ببساطة أصبحت أعظم وسيلة للتسويق والترويج للأدباء، وسيلة لم تكن موجودة من قبل أيام أساتذتنا القدامى، حين كان عدد الروائيين أقل وإنتاجهم أكثر غزارة، لكن اليوم ربما يكون الكاتب له إصدار واحد وحيد، لكن تواجده الكثيف على مواقع التواصل الاجتماعي يعطيه مقعدا من ذهب في مكان لا يستحقه.
المعضلة الرئيسية أن فكرة الأكثر مبيعا والكاتب النجم هي صناعة زيف نتاج مواقع التواصل الاجتماعي، لأن هناك مبدعين بحق يستحقون النجاح والظهور إلا أنهم غائبون عن المشهد الثقافي الإلكتروني، وبعض الحاضرون بقوة لا يستحقون المكانة الكبيرة.
بكل أسف أستطيع أن أقول وبكل صراحة بأن هناك ربكة حقيقية في المشهد الثقافي إختلط فيها الحابل بالنابل.

** (نوبل للآداب) انطلقت مسيرتها في فضاءات التحفيز البشري الثقافي منذ عام 1901 وحتى يومنا الحاضر، وفي عام 1988 أصبح الأديب المصري نجيب محفوظ، أول عربي يفوز بالجائزة هل من المعقول الساحة الأدبية العربية تخلو من الكتاب والادباء الذين لا يستحقون هذه الجائزة ؟
أستاذنا نجيب محفوظ لم يكن أديب عادي ولم يكن روائي فقط، بل هو روائي متفرد صاحب مشروع أدبي متكامل ومختلف، له عدد من الإصدارات التي كانت كفيلة بأن تفتح له باب العالمية،
ببساطة، نجيب محفوظ هو مصر..إستطاع بقلم يعبر عن المكان والزمان أن يكتب عن مصر ويصفها كما لم يصفها أحد من قبله ولا من بعده، من المؤكد أن هناك أدباء جادين ولهم قيمة على الساحة ولكن يبقى السؤال، هل يرتقون إلى مكانة نجيب محفوظ أو هل هم قادرون على ملئ هذا الفراغ الثقافي الذي تركه بغياب قلمه؟..الإجابة ببساطة: لا!.
ودعني أقول أيضا أن الجوائز العالمية والمحلية كان لها صورة ومكانة معينة غابت إلى حد كبير اليوم، فالجوائز أصبح لها حسابات أخرى لها علاقة بأشياء كثيرة منها العلاقات والسياسة وغيرها.
نوبل كانت جائزة كبيرة وهامة وقتما نالها أديبنا الكبير إلا أنها اليوم انزلقت إلى منطقة التساؤلات والمشكلات التي جعلتها تُحجب في عام ٢٠١٨ بعد فضيحة جنسية، بل ولم تكن تلك المرة الأولى التي تُحجب فيها بسبب مشاكل أو بسبب أن الأعمال المقدمة لم ترتقي إلى المستوى المطلوب.

– لو كنت مسؤولة عن جائزة نوبل من هو الاديب العربي الذي ترشحينه لهذه الجائزة ؟
على المستوى المحلي المبدع المصري محمد المنسي قنديل الذي صاغ التاريخ بقلم شديد الحساسية، وعلى المستوى العربي وبلا جدال الروائي اللبناني العظيم ربيع جابر الذي يحمل منتجا ومشروعا أدبيا غزيرا ومبهرا.

** ونبقى في نفس السياق حين قلت أن نجيب محفوظ تربع على عرش الادب العالمي ومع ذلك لم يكن لديه أي حساب على مواقع التواصل علما أن الاديب الراحل محفوظ رحل عنا منذ اكثر 16 سنة ،، والان اختلف الامر كثيرا بحيث أصبحت السوشيل ميديا هي كل شي ؟
هذا حقيقي وقد أشرت إلى هذا في الأسئلة السابقة، أستاذنا نجيب محفوظ كان له مشروع أدبي متكامل وناجح ونال جائزة نوبل، بل وفتح الباب أمام الأدب المصري والأدباء العرب للوصول إلى العالمية، كل هذا دون أن يكون له حساب على تويتر أو الإنستاجرام، وهو دليل على أن النجاح ليس مرتبطا بالسوشيال ميديا، ولكن بكل أسف إختلف الأمر والزمان، ولكل زمان ولكل مرحلة تداعياتها.

** بنات في حكايات كانت أولى خطواتك الإبداعية في عالم الرواية وأعتقد أنها الأكثر انتشارا لأنك دخلت العمق الادبي وربما يمكن القول كانت البوابة لفتح باب الشهرة للدكتورة رشا سمير ،، هل صحيح ؟
بنات في حكايات كانت أول أعمالي الروائية بعد ٦ مجموعات قصص قصيرة، بدأت بإصدارها منذ عام ١٩٩٥، وكانت أول تجربة لي في كتابة الرواية الطويلة، وبفضل الله سبحانه وتعالى حققت الرواية نجاحا كبيرا لم أتوقعه، وفوجئت في صبيحة أحد الأيام بأستاذنا الكاتب الكبير جمال الغيطاني يكتب نقدا رائعا عنها في مقاله الأسبوعي بجريدة الأخبار، وتلا ذلك العديد من المراجعات الإيجابية التي كُتبت عن الرواية من أقلام كبيرة ومحترمة مثل الدكتور جابر عصفور والدكتور زاهي حواس والناقد السعودي الصحفي سعد الحميدين وغيرهم.

** من يتابع الدكتورة رشا سمير يجدها تجمع بين الطب والاعلام والرواية ،، ماذا يعني لكم كل هذا ، وأين تجد نفسك أكثر تألقا وعطاء في الطب أم الادب ولماذا ؟
أمارس طب الأسنان حتى اليوم ولم أنقطع عنه يوما، وقد حصلت على ماجيستير في جراحة الفم والأسنان، كما أن الكتابة هي شغفي والنجاح الأكبر في حياتي، أما صالون إحسان عبد القدوس ومبادرة كاتبان وكتاب فهي تحول في حياتي سببه إحساسي بأهمية أن يكون الكاتب معطاءا وقادرا على إثراء الحياة الثقافية ليس فقط بقلمه بل بتواجده الأدبي في شتى المجالات.

** هل أنصفك الأعلام في تسليط الضوء على أدبك وأعمالك عموما وفي مصر خصوصا ؟
مما لا شك فيه أن الإعلام أنصفي، ولا تنسى أنني كاتبة صحفية وكنت أقوم بالتعليق على المشهد الصحفي أسبوعيا ولذلك فوجودي على الشاشات أمر دفع الإعلام للتعرف علي كوجه وعلى أعمالي من خلال برامج كنت ضيفتها، كما أن العديد من الأقلام تناولتني بالنقد الإيجابي على المستوى المصري والعربي. فقد سبق وقمت بعمل حوارات صحفية في جريدة البيان الإماراتية والإتحاد، والعديد من المواقع السورية والليبية والعراقية، وكتب عني نقاد من السعودية في جريدة الرياض، والسياسة الكويتية.

** معظم أعمالك ورواياتك / بنات في حكايات – جواري العشق – دويتو – يعني ايه راجل – حب خلف المشربية – سألقاك هناك- معظمها كتابات تتحدث عن النساء المهملات أو المهمشات اجتماعيا او المظلومات ، ما الذي تريدين قوله وإلى هذا الحد تعتبري أن الرجل هو بعبع ومخيف ؟
أضحكتني بهذا السؤال، الحقيقة أن أعمالي التي ذكرتها سلفا ليس بها أي هجوم على الرجل ولا تصف الرجل لكونه (بعبع) لأن هذا ليس رأيي الشخصي أبدا ولا أعتبر الرجل عدوا ولا أرى أن العلاقة بين الرجل والمرأة معركة يجب أن تنتهي لصالح إحداهما، فالعلاقة هي مركب ومجدافين، إذا تجانسا نجحت وإذا تنافرا فشلت.
ووجهة نظري أن المعركة التي يفتعلها الإعلام وبعض الإعلاميات بين الرجل والمرأة لكسب ترندات ولايكات هي معركة واهية أودت بالمجتمع كله إلى هاوية، بل وأدت بالبيوت العربية إلى هاوية الخلافات والطلاق.

** في لقاء سابق لحضرتك قلت أن الوسط الثقافي يحتاج الــى غربلة ليبقى المبدع الحقيقي ،، ما المقصود بالغربلة ؟
المقصود بها تسليط الضوء على كل ما هو ثمين وله قيمة حقيقية، وغض البصر عن كل ما
هو بلا محتوى أو لايرتقي لقيمة الابداع، دور النشر تطبع لكل من هــــو قادر على «البيع» اذن تحول الأمر إلى تجارة أكثر مما هي ثقافة، لم يعد المحتوى يهم عدد كبير من الناشرين، وغربلة هذا الوضـــــــع مطلوب وبشدة.

** ما أبرز الكاتبات و المبدعات اللاتي كنّ أكثـــــر قرباً من حياتك وأدبك عموما ؟
على المستوى العربي، أرى رضوى عاشور نجمة تتلألا في سماء الأدب حتـــى لو توارت
برحيلها، قرأت لها كل أعمالها،
أحببت إليف شافاق وتأثرت بقلمها في بداياتها وقبل أن أشعر بأن السياسة تسللت إلى أحبارها.
ليس لي صداقات قريبة من الوسط الأدبي ولكنني أعتز بزمالة جميع الكاتبات حتى لو لم أقرأ لهن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى