اعتذر سائق الأولاد في يوم عن توصيل أولادي، فاضطررتُ أن أذهب بنفسي وأوصلهم.
بعد أن أدخلتهم المدرسة، كان هناك مدرسة أخرى بجوارنا لطلبة الإعدادي، وقفتُ حيث لفت انتباهي إحدى الفتيات تضحك مع زميل لها وهي تقول:
(إيه يا زميل!! الحوار على إيه؟ إنت أصلًا عيل ابن…).
ضحك مبتذل ومعها صديقاتها نفس الستايل. كانت مدرسة تبدو مرموقة خارجيًّا (انترناشيونال) كما يطلقون. حزنت بشدة على مستوى المدارس «الانترناشيونال»، وقلت: ربما يكون الأفضل مدارس العربي الخاص.
ولكن تقابلت مع أحد أصدقائي يعمل مدرسًا في مدرسة خاصة، اشتكى لي مُرّ الشكوى من تدهور أخلاق الأولاد.
قلت: إذن لا سبيل أمامي إلا مدارس الأزهر، تعليم ديني وممنهج.
ذهبت بابنتي كي أقدم لها، وإذا بنافورة سباب وأنا في مكتب المدير، تنطلق من الفناء.
ولد يسب آخر، بل ويريد جرحه بالمطواة؛
الولد يبدو وقد تم فقد السيطرة عليه بالكامل من الجميع.
سباب متنوع وتهديد بسلاح أبيض، لدرجة أن المدير كان نفسه خائفًا.
كلمت أحد أقاربي عما حدث، وقلت له: ربما الأزهر الخاص أحسن حالًا.
ابتسم وضحك ساخرًا!!
أكد لي أن هناك مجلات إباحية تتجول بين أيدي كثير من الأولاد، معظم الأوقات!!
ماذا يحدث في مدارسنا؟ وأين الوزارة المنوط لها التربية قبل التعليم من أخلاق أولادنا؟
البيت له دور هام في بناء سلوك أي طفل بالطبع، ولكن المدرسة لها نصيب لا يقل أهمية عن نصيب الأهل.
أين الرقابة على أخلاق أولادنا؟ وأين المتابعة لسلوكهم؟
كيف لبنت لم تتجاوز الثانية عشرة أن تصدح بمثل تلك الألفاظ، فضلًا عن الرقص والغناء في فناء الحرم التعليمي؟
كيف لألفاظ نابية أن تكون اللغة السائدة بين الأولاد؟
ترى طفلًا لم يُكمل العاشرة (لا يُقال عليه غير طفل) يسير وسط الشارع كي يسبّ المارة وهو يرتدي الزي المدرسي.
تجد مجموعة صبيان وكل كلامهم عن البنات وخلافه.
نجد في بعض المدارس الخاصة طلبة تتهكم على المدرسين في وضح النهار دون خشية أو خجل.
تبدلت الأحوال وتغير كل شيء.
بعد أن كنا في صبانا نخشى فقط مرور معلمنا الجليل أمامنا كي لا يرانا ونحن نلعب الكرة في الشارع بالليل (في غير أوقات المدرسة)،
تجد اليوم من يرد على المعلم ويرفع صوته عليه، بل أحيانًا يسبه علنًا دون رادع.
قلّما تجد الآن طلبة مجتهدين ملتزمين أخلاقيًّا، يقدّرون التعليم ويحترمون المعلم كما كان العرف سابقًا.
أين وزارة التربية والتعليم من كل هذا؟
أين الإدارات التعليمية من دخول صور ومجلات خليعة بين الطلبة؟
يتفلسف أحدهم: هل نفتش الطلبة!؟
نعم، نفتشهم ذاتيًّا إن لزم الأمر طالما الأمر هكذا.
أصبحت لا تأمن على ابنك دخول المدرسة من الأساس، فربما ما زرعته فيه من خُلق طيلة أعوام يقلعه زميل له في ساعات.
نجد تفتيشات مقررة وروتينية على الحالة التعليمية من الوزارة، وهي تفتيشات معروفة للقاصي قبل الداني، هدفها «تستيف» الأوراق وإظهار أن العملية التعليمية تسير بانتظام.
أين التفتيش على الحالة الأخلاقية؟ أين متابعة سلوك أولادنا؟ أين معاقبة من يتجاوز أو يكون مصدرًا للفساد وسوء الخلق؟
أتمنى من كل المسؤولين أخذ هذا الكلام بعين الجد، لأن الوضع الأخلاقي في المدارس أصبح لا يسرّ عدوًّا ولا حبيبًا.
ولو استمر الأمر هكذا، ربما تُزال كلمة «التربية» من لوجو الوزارة لتصبح وزارة تعليم فقط.
لذا لابد من التفتيش على المدارس باستمرار لمتابعة الحالة الأخلاقية مع الدراسية، وأيضاً لزاماً على أولياء الأمور متابعة سلوك أبنائهم بصفة مستمرة، هم أمانة فى أعناقهم،
وكما قال عليه الصلاة والسلام:
(كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).