فنون وثقافة

الأديبة والإعلامية السورية نوار الشاطر: – ما يحدث اليوم في غزة وفلسطين هو امتداد للأمس،، – الشاعر دون رسالة سامية لا قيمة لشعره!!

حاورها : عمر شريقي

كتابات نوار أحمد الشاطر بكل أنواعها هي حالة حياتية هذيانية، إنسانية، اجتماعية، كأنها تحمل رسالة إنسانية وأخلاقية ومعرفية فحواها أن تقدم انطباعاً حضارياً عن المرأة « العربية « عموما والسورية خصوصا، بقدراتها الفذة و ما تخبأها بين جوانحها من ابتكارات، نوار آصرة قوية تربط الشعر بالإعلام ، ويمكن القول أنهما متلازمان في الأغلب الأعم .
وما من أحد يستطيع إغماض عيون الشعراء و لا من أحد يستطيع التلاعب بأصواتهم، ضيفتنا الكريمة الشاعرة والإعلامية نوار الشاطر تكثف الحياة في شعرها، و في عينيها تسكن دهشة الأطفال فتفتح ، على المدى أبوابا و نوافذ ، نشاطها لافت في مجتمعات الشعر ، مشاركة و تقديما و كذلك تنظيما، و حضورها يضفي دائما ضوءَ إضافيا، و هي أيضا الإعلامية التي تميزت بتجربة طويلة و متنوعة ، متسلحة بثقافة واسعة و جرأة و رؤية عميقة وكذلك بحضور أنيق و سرعة بديهة و احترام للضيف ،ابتسامتها لا تفارقها وهذا ما يشيع جوا من الارتياح و الفرح في نفوس من تحاورهم.

معها كان لمجلة نورا هذا الحوار:

– كيف كانت البدايات ولماذا اختارت نوار الشاطر الشعر مختبرا؟ وما هي أهم المؤثرات الّتي لعبت دورًا في توجهك نحو هذا اللّون الكتابي الإبداعي؟ وممن لقيت التّشجيع؟
البدايات كانت منذ الطفولة ، كنت أحب الأدب كثيراً ، وأقرأ بنهم شديد ، وذلك ساعدني بزيادة المخزون اللغوي عندي ، وجعل لدي القدرة التعبيرة على رسم الصور البيانية أفضل ، فكنت أكتب الخواطر الشعرية بصورة مستمرة ، وأشارك بعض كتاباتي في مجلة المدرسة ، والتشجيع كان من مدرسات اللغة العربية ، حيث لاحظوا وجود ميول أدبية و لغة أدبية جميلة لدي ، لكن تركيزي كان على الدراسة إلى حين تخرجي من كلية العلوم والبدء في المجال العملي ، لم أخذ الكتابة الشعرية على محمل الجد إلا بعد أن عشت في المغترب ، الشوق الشديد للوطن وللأشياء التي أحبها فيه دفعني بشدة نحو الشعر واختارتني القصيدة لأكون بيتاً لها و اخترتها لتكون قافيتي فكتبت : أتنفسُ الشعرَ شهيقاً بأوزانٍ مُخْتلة ِالمشاعر بقافيةِ حزن ٍ أُشبع رويَها بندى الألم لا بحرَ يحتوي ملحي ليَنْظُم سفن قصائدي الغارقةَ بالشوقِ

– طريقتك لتناول مؤلفاتك ( هل بلغ شعري «كوكب دري» هدير قلب ) ، تبوح منهم عطر الكلمات وجمعك بين السرد والوصف والحوار كان ضمن تقنيات السرد الأدبي ، هل يمكن القول أنه نتاج تظافر معرفي وأدبي وفكري ؟
الكتابة الشعرية والأدبية في عمقها ترتكز على الموهبة ، ولكن التراكم المعرفي والثقافي للشاعر يضيف لها الكثير ، ويمكنني القول أن كتابة الشعر ليس بالأمر السهل إذا أردنا قصيدة حقيقية تخاطب وجدان الإنسان ، وتعيش في داخله لزمن طويل . وعلى الشاعر دوماً أن يطور أسلوبه وأدواته وينوع مواضيعه ويصقل موهبة الكتابة عنده ، لتكون القصائد لديه متدفقة العاطفة بشكل مستمر .

– في حوار سابق لك قلت أنا كاتبة حالمة تعشق الأدب والشعر منذ صغرها، تؤمن بقوة الكلمة وقدسيتها، لذا لجأت إلى الكتابة لتكون مساحتي الحرة التي بها أتنفس الحياة، هل وجدت ضالتك وبدأت تتنفسين الحياة ؟
لستُ إلا بقايا حالمة طاعنة بالخيال ، تصادقُ الكلماتِ التي تعطرُ محبرةَ أثيرها وتربّي القصيدةَ في حجرِ ضوئِها حبّاً على حبّ . نعم الكتابة هي رئتي الثالثة التي أتنفس بها شغف الحياة ، وبواستطها أجد ذاتي وأحدد ماهية وجودي على خريطة الحياة.

– الشاعرة والإعلامية نوار ، بكالوريوس علوم أحياء تخصص مخبري كيف استطاعت أن تجمع بين العمل والهواية في ملحمة عشق وجهد ومثابرة ؟
الشعراء يولدون شعراء ، عندما تكون الموهبة حقيقية فإنها تنمو في داخل الإنسان ، وتأتي الظروف لتظهرها ، هناك شعراء وكتاب اكتشفوا موهبة الشعر والكتابة عندهم في أعمار متقدمة ، ولمع اسمهم في سماء الشعر . العمل المخبري وخاصة أني كنت أمارسه في إحدى المشافي الخاصة ، نمى عندي الجانب الإنساني ، وجعلني قريبة دوماً من ألم الإنسان ، و حاملة لقضياه ، فالشاعر دون رسالة سامية لا قيمة لشعره ، وأيضاً أثر عملي على لغتي الأدبية ففي بعض القصائد حاولت إضفاء الرومانسية على المصطلحات الطبية فقلت : عندما أصحو من نوبة الهيام أدرك كم أنني مصابة بك بكثرة كم أن ولعي بك قد تفشى في أعماقي بشدة حتى قصائدي دخلت في غيبوبة هواك

القضية الفلسطينية اليوم تعيش حالة لا تحسد عليها وخاصة في غزة الجريحة ، كيف تنظر الشاعرة والإعلامية نوار لهذه القضية وما يحدث على الساحة اليوم ؟
فلسطين للإنسانية قضية ليست مواسم شعرية إنما هي فصولنا المالحة ما يحدث اليوم في غزة وفلسطين هو امتداد للأمس ، هذا الشعب يريد التحرر من الاحتلال الصهيوني ، ولن يستكين حتى يمحى هذا الكيان الغاشم من أرضه ، وتكتب له الحياة من جديد ، المؤلم حقاً هو الخذلان الذي يتعرض له هذا الشعب ، أين العروبة ؟ مما يجري هناك ؟ إلى متى سنقف مكتوفي الأيد ،نشاهد المجازر والإبادة الوحشية و نتألم ونحترق ولا نستطيع أن نقدم شيئاً لهم . بإسم الرحمة وبإسم السلام وبإسم الإنسانية أناشد المعنيين لفك الحصار عن غزة وإيقاف هذه الإبادة الوحشية . وأعرف أن صوتي لن يبلغ مداه ، ولكن نحاول ، نحن لا نملك إلا المحاولة وسط هذا العجز الخانق .

– كونك إعلامية متمرسة كيف ترين المشهد الإعلامي العربي الآن؟
المشهد الإعلامي العربي ، محكوم وممول من قبل أجندة الإعلام الماسوني الذي يسيطر على الإعلام العالمي ، و منصات السوشل ميديا ، ومن لم يتبع تعليمات هذه الأجندة سيتم محاربته وشطبه من الواجهة الإعلامية . كيف نحارب إعلام صهيوني ممنهج مخطط له منذ مئات السنوات ؟ التعتيم الإعلامي الغربي وقلب الحقائق و استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتصدير المشهد البريء لاسرائيل ، هو ما يصل للمواطن الغربي . عندما تكون شبكة المعلومات العالمية وأدواتها بيد وبتمويل من الصهاينة أنفسهم لن نستطيع شيئاً ، علينا خلق أدواتنا بأنفسنا و إيصال الصورة الحقيقة للغرب …. ربما ، ربما…. يتغير المشهد والرؤية العالمية لقضية فلسطين .

– كيف تقيمين الحضور الأدبي النسائي في المشهد الشعري والثقافي العربي؟ وما رأيك فيما يتم الحديث عنه عن ضرورة خلق جوائز أدبية إبداعية تخص نون النسوة ؟
المرأة العربية كانت ومازالت دوماً حاضرة في المشهد الثقافي و الشعري عربياً ، ولكن في المجتمعات التي تعاني من تبعات الحروب و آثارها القاتلة ، نلاحظ تراجعاً في الاهتمام والمتابعة ، لكن هناك الكثير من الشاعرات والكاتبات العربيات اللواتي أثبتن حضورهن و تركن بصمة في سجل الأدب العربية ، بالنسبة للجوائز هي وسيلة للتشجيع والمنافسة لتقديم الأفضل . وأنا ادعم المرأة الكاتبة بشكل كبير ، لا من باب التفرقة بينها وبين الرجل الكاتب ، لكن لأن ظروف المرأة أصعب كونها تتحمل مسؤوليات عديدة في وقت واحد ، و كونها لا تزال في بعض المجتمعات العربية أسيرة عادات وتقاليد بالية تجدها عورة في كل شيء في الكتابة وفي الظهور وفي النشر ، ولا تلقى التشجيع من العائلة والمحيط إلا بشكل نادر وبسيط . وأيضاً على الجانب الأخر من ضفة الحقيقة ، نجد من يحاول استغلال المرأة الشاعرة و تصديرها إعلامياً بشكل هابط ، وخاصة عندما تكتب عن الحب وغيرها من المشاعر الإنسانية التي نعيشها جميعاً .

– هل تعتقدين أن للملتقيات الأدبية دوراً في تطوير القصيدة أم أنها مجرد مناسبات للعلاقات العامة والاجتماعية؟
اللقاءات الأدبية في غالب الأحيان هي مناسبات للعلاقات العامة والاجتماعية ، وتوثيق الصلة بين الأدباء والشعراء ، أما تطوير القصيدة واقعياً يحدث على مستوى البيئة والمجتمع وتطور نمط الحياة ، و تبادل الخبرات الشعرية بين الشعراء ، وأذكر هنا نازك الملائكة التي بدأت في كتابة الشعر الحر في فترة زمنية مقاربة جداً للشاعر بدر شاكر السياب وزميلين لهما هما الشاعران شاذل طاقة وعبد الوهاب البياتي، وهؤلاء سجلوا في اللوائح بوصفهم رواد الشعر الحديث في العراق بعد صراع طويل دار بينهم حول بداية كتابة الشعر الحر أو الحديث.

– ما هي طموحات نوار الشخصية والعملية ؟
الطموحات كثيرة وليس لها حدود ، وأنا أحاول فقط ، وكل ما كتبته هو محاولات ، أتمنى أن ترتقي وتبلغ المدى وتحدث الأثر الذي أرجوه ألا وهو إيقاظ الحب في داخلنا كبشر ، الحب الذي يجعلنا نعيش إنسانيتنا في أعلى مراتبها فقط لا غير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى