فنون وثقافة

الروائية الاردنية أمل الحارثي لـ مجلة نورا: مؤلفاتي تعكس هموم المجتمع كله ، وأنا ابنة هذا المجتمع

التقاها : عمر شريقي

عندما نلتقي بكاتبة وروائية، نجد أنفسنا أمام نافذة مفتوحة على عوالم متعددة، مليئة بالشخصيات، الأفكار، والقصص التي تعكس تجارب الحياة الإنسانية. تتيح لنا هذه الفرصة التعرف على ما وراء الكلمات والصفحات، حيث نكتشف دوافع الإبداع، والصراعات الداخلية، والرسائل التي ترغب في إيصالها من خلال كتاباتها.
في هذا الحوار، نسعى إلى الغوص في عقل وروح هذه الكاتبة المبدعة، لنفهم كيف تشكلت أفكارها، وما الذي يلهمها للاستمرار في سرد القصص التي تأسرنا. سنتحدث عن البدايات والتحديات، عن النجاحات والخيبات، وعن دور الأدب في معالجة قضايا المجتمع وملامسة مشاعر القارئ.
أمل الحارثي كاتبة اردنية بدأت الكتابة رغبة في التغيير، كانت تعتمد الكتابة كوسيلة لإيصال أفكارها للناس، ثم أصبحت الكتابة الغاية والوسيلة معا ، وتعتبر نفسها كاتبة ، سواء كتبت مقالة أم رواية ، وكذلك تعتبر نفسها كاتبة رأي وفكر، رأس مالها فكرها الذي تعبّر عنه سواء في مقالاتها أو كتبها.


سألناها هل وصل رأيك الى العالم من خلال مقالاتك الكثيرة المنشورة في صحف ومنصات عربية وكذلك في كتاب ( حكايا النساء ) ورواية (من قاع البئر ) قصص ألم موجعة، وحكايات نجاح باهرة وملهمة، تأثرت بها ولم تتمالك دموعها أمامها أجابت :
وصلت إلى قطاع كبير من السيدات وهذا يسعدني، لكنها للأسف لم تؤدي إلى النتائج التي أطمح لها، فالمرأة ما تزال تقتل على السمعة حتى هذه اللحظة، وهناك تراجع في القوانين المتعلقة بالنساء في دول عربية ، قبل أيام قرأت عن معركة حقوقية لمنع تمرير قرار يتيح زواج القاصرات من عمر ٩ سنوات في إحدى الدول العربية ، الطريق طويل وشاق .

وحول ايمانها بأهمية دور المرأة في المجتمع، والى أين وصلت في هذا المحور الهام ، أجابت :
في الواقع هناك خطوات جادة تحققت لكن للأسف نحن اليوم نواجه حالة ردة على الأفكار الواعية كلها، لعدة أسباب أهمها وسائل التواصل الاجتماعي التي أدت لنشر أفكار تسليح الإنسان رجلا كان أو امرأة، فجأة أصبح الإنسان هو السلعة التي تسوق عبر الفضاء الإلكتروني وانتشرت فيديوهات تقدس المال وتعتبره دليل النجاح الوحيد. وكما تأثر الشباب بهذه الحملات وأصبح شغله الشاغل العثور على وسائل سهلة لجني المال، تأثرت الفتاة وظهر لها بأن أسهل طرق الحصول على المال هو الارتباط بشخص ثري ، اليوم ولهذا السبب لا تلتفت الفتيات لصوت العقل الذي يدعوها للعمل والاستقلالية، بل تجذبها الأصوات التي تدعوها لعالم الرفاهية بأسرع وأسهل الطرق ، لذلك أجد أننا أمام تحدي جديد يتطلب تغييرا في الاتجاه والوسائل والخطاب ويشمل الحديث مع الجنسين .

وإلى أي مدى تعكس كتبك ( حكايا النساء ومن قاع البئر ) بالإضافة لمقالاتك هموم المرأة العربية قالت :
أعتقد أنها تعكس هموم المجتمع كله لدرجة كبيرة، أنا ابنة هذا المجتمع، عشت به وتأثرت، ودفعت أثمان مراضاته كغيري من أفراده، لكني بعد أن توجهت للكتابة أدركت أن الكتابة عن المعاناة وحدها لا تأتي بنتائج بل يجب تحليل أسبابها والعودة لجذورها ، عندما نحلل الأسباب نصل إلى فهم أشمل، وننظر للقضايا نظرة شاملة تساعدنا نحن ( الكتاب والقراء معا ) على إيجاد حلول منطقية .
وأضافت : الرواية بنيت على دمج قصتين حقيقيتين معا، اعتمدت فيها على التأرجح بين الماضي والحاضر، بطريقة تشويقية تشد القارئ، استخدمت أسلوب الكتابة السهل الممتنع الذي اشتهرت به منذ بداياتي ، كأسلوب جاذب يشجع على القراءة بانسيابية بعيدا عن استخدام الزخارف اللغوية والألغاز. عندما تكتب للتأثير يجب أن تستهدف قطاعا كبيرا من الجمهور وليس فئة محددة وهذا ما أفعله .


وعن انتشار رواية من قاع البئر بشكل كبير إعلاميا وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وحتى في الصحافة المكتوبة ،، أجابت : الحمد لله انتشار الرواية كان جيدا وهذا أمر أسعدني، الأسباب ربما تعود للحبكة والغموض وطريقة السرد، بالإضافة لكونها مأخوذة من أحداث حقيقية وهذا بحد ذاته أمر جاذب، معرفة أن الأحداث حدثت بالفعل تثير اهتمام القارئ ورغبته في معرفة النهاية .
وتابعت تقول : ردود الأفعال سرتني وأدركت على الاقل أنني استطعت إيصال صوت الضحايا للعالم. وتحليل مشاكل المجتمع والنبش في جذورها، قارئ ( من قاع البئر ) يدرك أن كل أبطال الروايا ضحايا بشكل أو بآخر حتى المجرمين أنفسهم وهذا المنظور مهم إذا ما أردنا علاج مشكلاتنا المجتمعية المتراكمة والخروج من دائرة الجهل والعنف .

وعن الحضور الأدبي النسائي في المشهد القصصي والروائي العربي قالت : الحضور النسائي جيد لكنه ما زال متمثلا في النوادي الأدبية ونوادي القراءة، أتمنى أن تصبح القراءة عادة فردية للرجال والنساء، ولهذا كان هدفي منذ بدأت الكتابة والتحرير في ملتقى المرأة العربية وهي مجلة أدبية إلكترونية شاركت في تأسيسها قبل عشر سنوات تشجيع النساء ، كل النساء ، العاملات وربات البيوت على القراءة، لما للقراءة من فوائد سنجني ثمارها أفرادا ومجتمعات .

وحول مشروعها الفكري أشارت على الصعيد الشخصي أنا أتمنى أن أكتب إلى آخر لحظة في حياتي، الكاتب يترك أثرا وهذا أعظم ما في الكتابة، أتمنى أن يتعاظم رصيدي من الكتب ، والأهم أن تقرأ هذه الكتب وتنشر، وتخلق حالة من التساؤل والتفكير تؤدي إلى تغيير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى