فاطمة سلطان المزروعي أديبة وروائية وشاعرة وقاصة تعشق الأبجدية حتى النخاع ، كلماتها كأنها ورود منثورة في حديقة واسعة ،تنتقي منها الأجمل لينشر عبقها في رحاب القراء ، مثقفة ، ورئيس قسم الارشيفات التاريخية في الأرشيف الوطني التابع لوزارة شؤون الرئاسة
تخرجت من جامعة الامارات بكالوريوس تاريخ والاثار ، وماجستير في العلوم السياسية من جامعة زايد ، تكتب في الرواية والنقد والمقال والسينما والمسرح وقصص الأطفال والشعر لديها عمود يومي في صحيفة البيان الإماراتية ، كما كتبت عمود يومي في صحيفة الرؤية الإماراتية ، وكتبت في العديد من المجلات الثقافية والاجتماعية ، لديها أكثر من 20 إصدار في الشعر والمسرح والقصة والرواية والمقال ، لديها ثلاث روايات : زاوية حادة ،كمائن العتمة ، قصتي الأخرى ، شاركت في الكثير من الامسيات الثقافية والمؤتمرات العلمية وقدمت العديد من الورش التدريبية في كتابة القصة والرواية وقصص الأطفال بالتعاون مع العديد من المؤسسات الثقافية في دولة الامارات ، ترجمت أعمالها الأدبية إلى اللغات كالإنجليزية والألمانية والفرنسية والكردية والاوردو والمليالمية الهندية وغيرها ، تم استضافتها في العديد من البرامج الثقافية والاجتماعية وفازت بتسعة عشر جائزة في مجال الأدب والثقافة أهمها جائزة العويس لأفضل عمل ابداعي وثقافي لعام 2013 عن رواية العتمة ، وجائزة الشيخة شمسة بنت سهيل للأدب والثقافة عام 2013 وجائزة الامارات للرواية عام 2017 عن روايتها قصتي الأخرى .
** كيف جاءت فاطمة المزروعي إلى عالم القصة والشعر والرواية والمقالة ؟ هل الأمر يتعلق بشكل من أشكال التجريب الإبداعي بحثا عن الذات ؟ أم ماذا ؟
• أعتبر الكتابة في هذه المجالات هي نوع من التحدي الذي أمارسه مع نفسي ، وشغف بالتجارب الجديدة ، فالانتقال من جنس إلى آخر اعتبره نوع من التجريب الإبداعي وبحثا عن ذاتي التي ترغب بالتنوع والتنقل المستمر ، فلم تعد القصة في يوم من الأيام تكفي لمعالجة القضايا التي أرغب بتناولها ، فأصبحت الرواية ملاذا لبعض القضايا التي يمكن لي التجول فيها بحرية والبحث عن الأجوبة للأسئلة التي تدور في أذهاننا ، كما أن الشعر هو حالة تعبر عن مشاعر الكاتب الجياشة وتعاطفه مع الحالات الإنسانية ونقله لصور مرهفة بطريقة موسيقية ولا تختلف المقالة سوى بنقل تلك القضايا بصورة أكثر واقعية ومنطقية والمساهمة في حلها ووصولها إلى اكبر شريحة من المجتمع ، والمسرح أبو الفنون وعوالم تتسع لإيقاعات مختلفة من الحياة يؤديها ممثلين بصورة أكثر نقاء واحساس ، لذلك جاءت هذه الاجناس الأدبية معبرة عن الحالات التي يعاني منها الكاتب على اختلافها .
** ما هي قصة الحلم الذي أوصلك لكتابة القصص والروايات والكتب وغيرها حتى أصبح لديك كل هذه المؤلفات ؟
• منذ طفولتي عشقت القراءة ، حتى في أوقات الامتحانات الخاصة بالمدرسة ، كانت القراءة تصبح هي الأمتع ربما لأنها كانت تحفف علي وطأة الامتحان وخوفه وقلقه ، ومع الوقت صار لدي حلم وهي أن تصبح لدي إصدارات ، كان الحلم يكبر معي والرغبة تصبح أمنية وهاجس كبير ، ومع الوقت والقراءة كان الحلم يكبر ويكبر مع الكتابة وتعدد الأجناس الأدبية والجوائز والاصدارات والتكريمات والفعاليات والمشاركة في العديد من المحافل داخل الدولة وخارجها ، وكل يوم عندما أرى حلمي بدأ يتحقق ولله الحمد بسبب الشغف الذي أملكه وحب هذه الهواية التي تحولت بالفعل إلى عمل دائم وإصرار لا يمل وتنوع ، أصبحت اليوم فخورة جدا بنفسي بالحلم الذي بدأ معي منذ الطفولة وأصبح اليوم حقيقة ، ولذلك أقول للجميع لا تتوقفوا عن الحلم ؟ سوف يتحقق في يوم ، فانا حلمت فقط بإصدار واحد يحمل اسمي واليوم لدي أكثر من 20 اصدرا متنوع في جميع المجالات الأدبية .
** في حوار سابق لك وصفت نفسك ب”المتلصصة ” ربما البعض لا يفهم بالمعنى الإيجابي، كيف تفسرين ذلك؟
• ان البحث عن الأفكار واصطيادها ليس سهلا ، وبالأخص تلك الأفكار المتميز ، النادرة ، المختلفة ، ولذلك انتهجت منهج مختلف في البحث عن تلك الأفكار ، فأصبحت استغل الأماكن التي اذهب إليها سواء للترويح عن نفسي أو لزيارتها بغرض التسلية أو الشراء أو لزيارة المستشفيات أو المراكز التجارية ، كنت اشعر بمتعة حقيقية وأنا استمع لتلك الحكايات والقصص والحوارات التي تدور في أروقة الأماكن التي أزروها ، مواقف كثيرة مرت علي لا يمكن أنا أنساها ، وربما كانت من أكثر الأماكن التي أجد فيها تلك القصص الغريبة ، المستشفيات ، ففي غرف الطوارئ ، جمعتني الظروف المرضية أحيانا مع أشخاص لا أعرفهم ولم ألتقيهم ولكن حكاياتهم وقصصهم صارت جزءا مني ، كنت أستمع لأحاديثهم في فضول ، وأحيانا بضحكة أو فرحة ومرات كثيرة بحزن ، أغلبية القصص التي أكتبها في حكاياتي ، هي من قصص سمعتها ، وأعدت كتابتها بطريقتي أضفت لها الكثير من الاحداث والتفاصيل ، ومزجتها مع حكايات وتفاصيل أخرى ، ليس الغرض من تلصصي على الآخرين معرفة أمورهم ولا فضول بالاطلاع على أخبارهم وحياتهم بقدر ما كانت الحكايات والقصص تشغلني وتؤجج صدري وتوقظ لدي عالم كبير متعلقة به .
** باعتبارك رئيس الأرشيفات التاريخية في الأرشيف الوطني بأبوظبي ، إلى أي حد كان مفيد وساعدك في تنمية مواهبك ؟
• لا تتقاطع وظيفتي مع موهبتي ، فقد تخصصت في مرحلة البكالوريوس في تخصص تاريخ واستكملت مرحلة الماجستير في تخصص العلوم السياسية ولطالما ساعدني هذا الجانب في كتابتي للمقالات التاريخية والتراثية والاجتماعية ، فقراءة الوثائق والتعرف على الأخبار اليومية في الصحف والمجلات إضافة إلى تعلمي مهارة تحليل الاخبار والاستفادة من التاريخ في جميع الكتابات من مسرح وسينما وقصص أطفال وروايات وغيرها ولدي أعمال روائية قادمة تستلهم التاريخ وتحكي جزء كبير من تاريخ دولة الامارات في فترة الاربعينات والخمسينات إضافة إلى كتب بحثية متنوعة تتناول موضوعات في التاريخ والتراث
** كيف تعالجين قضية المرأة في كتاباتك ، هل استطعت أن تنصفينها أم لا ؟
• تناولت كتاباتي على اختلاف أجناسها قضايا المرأة الاجتماعية ، الام والاخت والزوجة والعاملة والطبيبة والمهندسة وغيرها ، فالمرأة الإماراتية قد حصلت على حقوقها كاملة بفضل قيادتنا الرشيدة ، اليوم نراها في كاف المناصب إلى جانب الرجل ، ونجد أن هناك مساواة كبيرة وتقدير واحترام لها وفي المقابل ما تقدمه الإماراتية اليوم واضح في جميع المجالات ، يشهد بذلك النجاحات التي حققتها على الصعد المحلي والخليجي والعربي والعالمي ، ولكن لا يزال وضع المرأة في العالم مزري فلا تزال تعاني من العنف والطلاق وعدم المساواة والظلم والقهر ، ولقد كتبت في الكثير من هذه المواضيع ، وذكرت الكثير من النسب والأدلة والاحصائيات التي تظهر عالم المرأة ومشكلاتها التي لا حصر لها ، فلدي مجموعة كبيرة جدا من المقالات التي نشرت في كتب مختلفة منها كتابي “بشر للنساء انقراض الرجال ” الذي تناول قضايا المرأة على اختلافها وكتابي “الرجل الأصم والمرأة العمياء” وكتابي “قصص الناس ” وغيرها من الكتب التي خاضت في العديد من المواضيع التي تهم المرأة وتلقي الضوء على مشاكلها على اختلاف أدوراها ونجاحها في جميع الميادين ، ولكن لا تزال قضايا المرأة تشغل قلمي وسوف أظل اكتبها بنفس الروح والرغبة والشجاعة والحماس حتى يراها العالم بأكمله وأتمنى أن انصفها بحق في كتاباتي .
** إلى أي مدى أثبتت المرأة الإماراتية إبداعها في المجال الادبي ؟
• استطاعت المرأة الإماراتية الأديبة أن تثبت نفسها في جميع الميادين وبالأخص المجال الادبي ، نرى اليوم الكاتبة الإماراتية في مختلف الاجناس الأدبية تكتب في المقال والشعر والمسرح والقصة والرواية وترجمت لها المئات من الكتب إلى اللغات الأجنبية ، وحضرت في العديد من الفعاليات وشاركت في المهرجانات الدولية على اختلافها سواء داخل الدولة أو خارجها واستطاعت أن تحصل على الجوائز الأدبية وتكرم من جميع الجهات الثقافية ، أصبحت المرأة الإماراتية حاضرة بقوة ابداعها ونجاحها وتفوقها وذكائها واجتهادها على اختلاف ادوارها ، فاليوم نراها كاتبة ، وناشرة ومخرجة وسينمائية ومحررة ومخرجة وممثلة ، لقد نجحت المرأة الإماراتية واستطاعت أن تتبوأ أفضل المناصب القيادية في دولتنا الرشيدة
**وماذا عن تجربتك في الكتابة الأدبية للأطفال وما هي المراحل والمحطات التي مررت بها ؟
• لقد كتبت جميع الاجناس الأدبية إلا الطفل ، لقد تأخرت جدا في الكتابة للطفل ، وهذا الامر فعلته متعمدة لإيماني ان الكتابة للطفل تحتاج للمزيد من النضج والخبرة والمعرفة والثقافة وطريقة للتعامل مع الطفل ، لقد كتبت للطفل مجموعات قصصية تخاطب مواضيع قريبة جدا منه ومن بيئته المدرسية ، فطفل اليوم طفل ذكي يستطيع أن يفسر اليوم بكل سهولة ويستطيع التعامل معها بكل ذكاء لذلك فاليوم نحتاج لأدب يخاطب عقله ويشجعه على التفكير والبحث
** رأيك ، ما المواصفات التي يجب توافرها في النص المقدم الى الطفل؟
• أن تخاطب النصوص عقل الطفل وان يتناسب المحتوى مع هذا التطور الحاصل اليوم ، فاليوم وسائل التواصل قريبة من الطفل وفي متناول يده ، اننا اليوم بحاجة إلى أعمال أدبية للطفل ، ملائمة لثقافته ، قادرة على الاقناع والتأثير ، تتصف بالشجاعة وبالايثار والقيم ، بعيدة عن المثالية، يريد الطفل أن يرى نفسه هو البطل الذي يستطيع القيام بكل شيء ، لذلك فتلك الاعمال القائمة على النصائح لا نفع لها ، قارة على جذبه وتحتوي على رسوم ملونة وشخصيات جذابة تسطيع أن تشده في الحوار والسرد وتناسب مراحله العمرية.