هند سعيد كاتبة ومترجمة ووكيلة ومستشارة أدبية وثقافية ومستشارة الوعي الكامل للحياة ، تعمل في مجال الأدب والثقافة منذ سنوات طويلة وتنشر في عدد من المجلات الصحفية العربية والأجنبية بالإضافة الى عملها في تصميم البرامج الثقافية والأدبية. صدر لها كتاب وترجمت ثلاث كتب، كما أنها مصممة برنامج الوعي الكامل للحياة والكتابة الإبداعية.
معها كان لنا الحوار التالي :
** ما هو الوعي وما هو مفهومه العلمي وهل يمكن القول اننا نعيش ازمة وعي؟
أن الوعي الذي أتحدث عنه هو قابلية الأنسان التي خلق عليها منذ الولادة والتي غفل عنها في صخب الحياة والتكنولوجيا الحديثة. هو الوعي الكامل للحياة – أن نعيش كل لحظة من الحياة بحواسنا ومشاعرنا. أن نشعر بكل عمل نقوم به حتى لو كان عملا بسيطاَ ونشعر بالمكان الذي نتواجد فيه من دون ان تكون لنا ردود فعل من تراكمات الأحداث والمشاعر الماضية بل أن نستمتع ونعيش كل لحظة بكل حواسنا ومشاعرنا لنكون في تواصل مع الحياة ومع أنفسنا. كما هو الطفل عندما يبدأ باكتشاف الحياة فنراه يستمتع بكل شيء حوله ويتلمس كل شيء.
بالتأكيد نحن نعيش أزمة وعي وهي لا تؤثر على الشخص نفسه فقط بل على عائلته ومجتمعه ومحيطه ومدينته والعالم أجمع لأن كل شيء مرتبط بالآخر و لان هذا الشخص مشتت الذي فقد التواصل مع الحياة ومع نفسه لا يمكن أن يتواصل مع عائلته ومجتمعه ولا يهتم بمحيطه وبيئته. ولقد أثبتت الدراسات أن الجيل الجديد من الأطفال واليافعين وبالرغم من براعتهم في التكنولوجيا لكنهم أصبحوا يتسمون بصفات التكنولوجيا وهي سرعة وقلة التركيز والانتباه لم يعودوا قادرين على التواصل مع مشاعرهم واحاسيسهم ولا حتى حواسهم التي أصبحت مُلقّنَة من قبل وسائل التواصل الاجتماعي.
وإذا استطاع الانسان أن يصل الوعي الذاتي التي ذكرته فأنه بالتالي ستكون له القدرة على الفكري، العلمي، الغذائي، النفسي، المجتمعي والبيئي.
** هل يمكن تلخيص إيجابيات امتلاك وعي عال؟
أن هناك الكثير من الإيجابيات ومنها: زيادة التركيز والانتباه، التخلص من تشتت الأفكار. القدرة على الأبداع والتفكير المنطقي،
الإحساس بالآخرين والتعاطف معهم، مواجهة الأمور والمشاكل وحلها بالشكل السليم والاهتمام بالصحة والبيئة والتخلص من الفوضى في الحياة.
أهم من ذلك ان الشخص يصبح قادراً على التواصل مع نفسه ومعرفة ما هي أهدافه في الحياة غير متأثرا بما يحصل حوله او ما تدفعه وسائل التواصل الاجتماعي لذلك.
** وكيف يمكننا ان نصبح أكثر وعيا؟
أن الخطوات بسيطة جداً وتبدأ من تمارين التنفس العميق يومياً والتي تساعد على انتعاش الدماغ بالأوكسجين ثم بعض التمارين الرياضية – قد يكون المشي فقط – والتأمل. التأمل قد يكون عدة دقائق في اليوم فقط يجلس فيها الشخص بعيدا عن كل ما قد يشتت فكره وأن يترك يركز على نقطة واحدة أمامه من دون أن يفكر فيها – مما يساعد العقل على الاسترخاء والتخلص من تراكمات الأفكار.
أن يركز تركيزاً كاملا بكل ما يقوم به – لقد كان هناك اعتقاد سابقاً وهو اعتقاد أهمية تعدد المهام ولكن الدراسات الحديثة أثبتت اننا عندما نقوم بأكثر من عمل واحد فأن العقل يتشتت بين العملين وبالتالي لا يمكنه أن يقوم بأي منها بصورة متكاملة.
هنا أتحدث عن التركيز في كل عمل صغير ام كبير – مثلاً: وجبات الطعام يجب أن تكون من دون تدخل خارجي -أي لا تلفاز او هاتف وغيرها من الأمور اليومية التي نقوم بها من دون تركيز في الكثير من الأحيان.
** نتحول الى الكتابة الإبداعية في كتابة القصص – السؤال كيف يمكن أن تكون كاتبا قصصيا مبدعا؟
الكاتب يجب أن يكون أكثر وعياً للحياة من الآخرين لأن الكاتب يحتاج إلى أن يعرف التفاصيل الصغيرة في الحياة لينقلها للقارئ لتكون قصته واقعية خيالية وهذا أهم ما يجب أن تكون عليه القصة. الخيال مهم جدا لكنه يجب أن يكون خيال الواقعي أي يجب أن يكتب الكاتب من الواقع ويضيف اليه الخيال.
وأنا صممت برنامج الوعي الكامل للحياة والكتابة الإبداعية لتعريف الكتاب بالمفهوم العلمي لاستعمال الحواس والمشاعر وكيف يمكن لهم أن يكونوا أكثر وعياً في حواسهم من خلال تواصلهم اليومي مع الحياة وبالتالي يمكنهم نقل الصورة كاملة على الورق. وأهم رسالة الى الكاتب هي “أن تجعل القارئ يرى كتاباتك”. وهذا الذي يجعل الكاتب مبدعاً.
ولكن أن لم يكن للكاتب القدرة على الوعي الكامل للحياة ونقل كل التفاصيل والاحاسيس والمشاعر على الورق فبالتالي ستكون كتاباته جافة ولا روح فيها. وعلى الكاتب أن يعيش هذه الاحاسيس والمشاعر قبل أن ينقلها الى الورق. أي اذا كان يكتب ما هو الإحساس عند الوقوف تحت المطر – عليه ان يقف تحت المطر، أو طعم الفلفل الحار في الفم فعليه أن يجرب ذلك ثم ينقل ما شعر به على الورق. وأن كان يكتب على أمر خطير فيمكنه استعمال الخيال الكامل والاحساس بالعمل الخطير (هذا امر يطول شرحه هنا).
** كيف يكتب الكاتب الراوية او القصة وهل هي موهبة ام مهارة ام من الممكن ان يتعلمها ويكتسبها من تكرار المحاولات؟
كل شخص قادر على ان يكتب قصة، لكن ليس كل شخص هو كاتب. هي موهبة ومهارة. الموهبة مهمة ولكنها لا تكفي لوحدها، الموهبة تحتاج الى صقل وتحتاج الى قراءة وكتابة مستمرة. كما أنها تحتاج الى مواضيع مهمة يكتب عنها الكاتب لذا ان الكاتب الواعي لما حوله والذي يقرأ ويبحث ويشاهد ويتواصل قادر على كتابة الراوية او القصة الجيدة.
وهي مهارة أيضاً فهناك البعض لا يملكون الموهبة ولكن لديهم الكثير مما يودون الكتابة عنه فهنا يمكنهم تعلم الكتابة والعمل عليها وكسب المهارات وتطوير أنفسهم ليصلوا الى مستوى الكاتب المتمكن.
** ما هو رأيك في الكتاب والادباء في وقتنا الحالي وكثرة التوجه نحو الكتابة؟
نعم، هناك موجة كبيرة من الأشخاص المتجهين نحو الكتابة وهو شيء جيد ولكن في نفس الوقت مقلق لان هناك الكثير من الانتاجات التي مع الأسف ضعيفة جداً وبالتالي هذه تؤثر على مستوى وفهم القارئ ولكن بالتأكيد هناك الكثير من الكتاب الممتازين ومنهم كتاب شباب أيضاً.
تصلني الكثير من النصوص لتقييمها للنشر ومع الأسف الكثير يبحث عن النشر السريع الذي يخلو من التدقيق والتنقيح وحتى جودة النص. ويعتقد البعض أن الكاتبة أمر سهل هو أن يخط ما في فكره على الورق وينشره ولكن الكتابة ليس بالأمر السهل وتحتاج الى الكثير من العمل.
ونصيحتي لأي كاتب يرغب بالنشر السريع هو أن يختار بين ان يكون كاتباً على وسائل التواصل الاجتماعي لوقت قصير أم يكون كاتباً حقيقاً يستمر أسمه وكتبه على المدى البعيد.
** هل من ثمة كلمة أخيرة؟
ما أود أن أقوله أن الكتابة ونشر الكتاب يتطلب مراحل كثيرة تفقدها اكثر دور النشر ولا يتبعها اكثر الكتاب وهي أن كل كتاب يجب ان يدقق ويحرر ويراجع مرة بعد أخرى قبل النشر. هذه مسؤولية الكاتب والناشر نحو الأشخاص والمجتمع ولغتنا العربية.