ولدت في سلطنة عمان فتاة كانت مختلفة عن بقية المواليد، حيث كانت أطرافها قصيرة وغير مكتملة النمو، بالإضافة إلى ضعف السمع في الأذن اليمنى الذي أكتشف لاحقاً.
لم يتم قبولها في المدارس الحكومية في سلطنة عمان نتيجة إعاقتها الحركية، فانتقلت إلى المدارس الأهلية، ولعدم وجود الدعم والمساندة، أدى ذلك بها إلى الفشل الدراسي المتكرر، فاضطررت إلى الإلتحاق بالمدرسة الأمريكية الدولية في مسقط (TAISM)، وهناك تم تقديم الدعم والمساندة لها، ومن ثم نجحت وحصلت على شهادة الدبلومة.
عزمت صفية على أن لا تجعل من الأطراف التي تفتقدها عائقا أمام تحقيق طموحاتها وعملت ما بوسعها لممارسة الهوايات التي لا تحتاج إلى الأطراف غير المكتملة لديها.
انتقلت إلى المرحلة الجامعية، في جامعة السلطان قابوس – كلية العلوم التطبيقية والفنون، حيث كانت ترغب في دراسة مجال التصميم graphic design، فالتحقت بمعهد نيويورك للتكنولوجيا، ولكن الدراسة في هذا المعهد لم تكن أفضل من سابقتها في عمان، مما أدى إلى تركها للمعهد، والبحث عن مكان آخر لإكمال تعليمها.
وجدت ضالتها في جامعة أسترالية Sound Audio and Engineering (SAE)، حيث يعتمد التعليم فيها على الجانب العملي والمهارات، ويوجد فيها العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة؛ الجسمية والصمم وذوي الإعاقة الذهنية البسيطة، وفي تلك الكلية وجدت الدعم والمساندة من القائمين على التعليم فيها، من خلال إعطاء الوقت الإضافي للعمل، بالإضافة إلى الدعم الذي يقدمه خريجو الكلية الذين يعملون تطوعاً لدعم الطلبة الآخرين، وهكذا استطاعت اتمام دراستها الجامعية.
رفضت صفية التي تدرس في الكلية الاسترالية للفنون الإعلامية في العاصمة الأردنية عمّان إلا أن تختار تخصصاً يعتمد على حركة اليدين لتحقيق إبداعاتها في مجال الرسوم المتحركة في تحد لإعاقتها وهي تستخدم لوحة مفاتيح الكمبيوتر الذي يعتمد على أصابع اليدين في فن الرسم الكرتوني على الكمبيوتر ذي الأبعاد الثلاثية.
بدأت الرسم في سن العاشرة تقريباً، كان أول معرض لها في عام 2010، توالت بعده عدة معارض كان منها مشاركتها في معرض أقيم بمناسبة العيد الوطني الأربعين في مارس2011 شاركت فيه بأربعين لوحة مختلفة.
تبهرك المواهب المتعددة للبهلاني من سلطنة عمان الشقيقة التي اختارت الأردن لمتابعة دراستها في مجال صناعة الرسوم المتحركة، فهي فنانة تشكيلية وتعزف على آلة البيانو وتنظم الشعر وتتقن استخدام الكمبيوتر لكن أكثر ما يشدك هو ممارستها لهوايتها في السباحة.
ترسم لوحات تتناغم مع مضمون الخطاب، موضوعات لوحاتها تتعدد بين التراث العماني الأصيل والمرأة العمانية وغيرها، شاركت أيضاً بمعارض متعددة في الجامعة والكليات الخاصة في سلطنة عمان، كان رد فعل الطلاب الذين شاهدوها مدهشاً، لم يستطيعوا أن يستوعبوا أن من رسم هذه اللوحات لا يملك يدين وأصابع تمسك بالقلم، رد الفعل هذا شجعها كثيراً على الاستمرار وتطوير مواهبها لترسم أجمل اللوحات وبأدق التفاصيل، متجاوزة عقدة لازمتها لفترة طويلة وشكلت نقطة ضعف لديها وهي عدم تمكنها من رسم اليدين!.. لقد امضت فترة طويلة وهي ترسم الأشخاص بلا أيدي، كيف لها أن ترسم ما لا تملكه..
تستخدم الفحم وأحياناً أخرى تفضل الرسم بألوان الباستيل، وتستخدم الزيت أيضاً وهو الأصعب على الإطلاق لأنه يأخذ وقتاً طويلاً ليجف، فكل طبقة منه تحتاج إلى 15 يوماً لكي تستطيع أن تبدأ طبقة أخرى فوقها، إنه الأصعب حتماً ولكنه الأجمل في النهاية، ومن جانب آخر تستخدم أحياناً الجص ودهانات الإكلنيك سريعة الجفاف التي تعطي اللوحة سماكة نافرة تشعر معها أنها ثلاثية الأبعاد، كما تستخدم الأقمشة والإكسسوارات أيضاً لصناعة بعض اللوحات (الديكوباج).
تجاوزت إبداعاتها مجالات دراستها لتأخذك بحركات انسيابية شفافة إلى إتقان العزف على آلة البيانو التي تحتاج الى أصابع اليدين، معتمدة على انحناء كتفيها لتصل الكتلتان اللحميتان المتدليتان من يديها فتطال لوحة المفاتيح وتعزف أجمل الألحان من خلال الانتقال السريع من زر لآخر.
تهوى صفية رياضة السباحة التي تحتاج إلى قدرات ذهنية وبنية جسدية قوية، فهي تعتمد في ممارستها على كتفيها وقدمها الوحيدة وقوة عضلات بطنها.
مشاريعها المستقبلية
رصد مشكلات الشباب العماني في فيلم كرتوني يهدف إلى توجيه رسالة للمجتمع والحكومة معاً، ملخص الرسالة أن هناك فئة هي الأكبر في سلطنة عمان لا تزال تبحث عن نفسها، إنها بحاجة لرعايتكم واهتمامكم أكثر، ولديها رسالتان، الأولى لشريحة الأشخاص ذوي الإعاقة تقول لهم: إن مستقبلكم ملك يمينكم والإرادة قادرة على هزيمة المستحيل، إن أردتم التقدم فلن يستطيع أحد إيقافكم.
والرسالة الثانية موجهة إلى المجتمع وللقائمين على صنع قراره العام تقول لهم فيها: إن الأشخاص ذوي الإعاقة بحاجة إلى دعمكم واهتمامكم أكثر، كونوا على ثقة أن لديهم الكثير من المواهب والمهارات التي تحتاج إلى رعايتكم ويمكنكم الاستفادة منها.