قراءة نقدية

كتاب العادات الذرية Atomic Habits – قراءة نقدية

د. رجاء صالح الجبوري

العادات الذرية Atomic Habits
للكاتب الأمريكي جيمس كلير
تصنيف الكتاب : تنمية ذاتية
عدد الصفحات :٣٠٠ صفحة

العادات.. أفعال نداوم على تكرارها حتى تصير جزءاً من سلوكنا اللاواعي، قد تكون تعلمتها من خبرات وتجارب سابقة، أو اقتبستها ممن يحيطون بك .
العادات تشبه الذرات ؛ صغيرة ودقيقة لكنها مجتمعة تشكل هويتنا ومن نكون؟
فلو سألت عنك جيرانك؛ قد يصفونك بالرجل المبتسم دوماً ..
بينما سيقول صاحب المتجر القريب من بيتك؛ بأنك الرجل الذي يتباع الكثير من طعام القطط ، ويصفك النادل؛ بأنك نباتي ..
ويقول رفاقك في العمل؛ بأنك آخر من يغادر مكتبه نهاية كل يوم.
هكذا عرفنا أنك :
رجل بشوش… تحب القطط، وانك نباتي، و تحب عملك ..
العادات ذرات تمتلك قوة عظيمة للتغيير .
فقراءة ثلاثين صفحة من كتاب كل يوم ، ستجعل منك قارئاً بعد بضع سنوات.. وممارسة التأمل لدقيقتين كل صباح ، ستزيد من تحكمك بانفعالاتك بعد شهور من المواظبة الدؤوبة..
وتناولك الاطعمة السريعة سيُسيء الي حالة قلبك وشرايينك التاجية بعد سنوات .

يميل العقل إلى تكوين العادات؛ لأن العادة لا تحتاج إلى الوعي.. بل يمكن أداءها بدون تفكير..
يمثل العقل الواعي عنق الزجاجة في كل مأزق فهو لا يمرر سوى مشكلة واحدة في كل مرة.. لذلك يميل العقل إلى تخزين العادات والممارسات الروتينية لحل المشاكل وتخطي المواقف اليومية بصيغة اوتوماتيكية دون الحاجة إلى التفكير.
فعلى سبيل المثال أنت تخلع حذائك قبل الدخول إلى المنزل ، وتبحث عن زر الإضاءة حال دخولك غرفة معتمة، و قد تغطي عينيك بعد سماع صوت مدويّ… هكذا بدون تفكير يوجهك عقلك اللاوعي.
لتغيير اي عادة هناك ٣ مستويات
الهوية : وهنا علينا أن نغير قناعة الفرد.. عليك أن تكون على قناعة تامة ان الثروة نادراً ما يتم جنيها من بطاقات اليانصيب، و أن عليك أن تعمل بجد لكي تجني المال. المعنى أن هناك عادات وممارسات نابعة من هوية الفرد الفكرية ومعتقداته الفردية والاجتماعية وتغييرها يحتاج إلى تغيير نمط التفكير .
العمليات : حيث تبدأ بالعمل على تحقيق حلمك فكتابة كتاب تتطلب البدء بالكتابة وليس فقط التحدث عنه.
النتائج : هناك من يدفعه توقه إلى النتائج المرجوة وتحقيق الأهداف إلى التفكير أولاً في تغيير هويته الفكرية ومن ثم الشروع بالعمل على تحقيق الهدف.
أن ممارستك لكل عادة تمر بثلاث مراحل
الإشارة
التوق
الاستجابة
المكافأة
_ تستيقظ كل صباح تشعر برغبة في العودة إلى النوم (الإشارة) ..
_ إنك بحاجة إلى فنجان قهوة (التوق).
_ تتجه إلى آلة صنع القهوة لإعداد فنجانك الصباحي (الاستجابة).
_ تحتسي فنجانك فينطلق الكافائين في دمك.. فتشعر بتحسن (مكافأة).
ما يحدث في عقلك حين تتوق الي فعل عادة ما؛ هو دفعة كبيرة من الدوبامين تفرز في دماغك تجعلك بحاجة ماسة الي المكافأة التي قد يمنحك اياها التهام مكعب من الشوكولا.. تحت تأثير الإشارة التي وصلت عقلك اللاوعي عند مشاهدة الشوكولا في إعلان على شاشة التلفزيون.. فتستجيب بدورك للإشارة والتوق الذي تولد في عقلك؛ لتبحث في خزانة المؤن عن علبة الشوكولا المخبأة منذ بدأت بالالتزام في حمية لإنقاص الوزن.. ومن جديد يتدفق الدوبامين في دمك حين تذوب الشوكولا في فمك.. فتشعر بالاشباع أو المكافأة .
وهكذا كل العادات.. السيئة منها والحسنة.
كلها أشياء تفعلها دون تفكير كجزء من روتين تجهل حتى متى بدأت بالمواظبة عليه.
يتطرق الكاتب لدور المجتمع الذي نعيش فيه والرفاق الذين يحيطون بنا في تشكيل طباعنا وعاداتنا فإذا كنت تجالس ثلاث مدخنين سرعان ما ستكون رابعهم.. واذا كنت تجتمع كل أسبوع مع ثلة من الشعراء، فقد تبدأ قريبا بنظم القوافي.
إنّ للمجتمع والصحبة تيار يصعب مقاومته؛ قلة قليلة من الناس هم من لا تجرفهم تيارات القطيع.. فإذا أردت أن تستحدث عادة نافعة في حياتك فاحرص على مجالسة اصحابها.. والعكس صحيح بالنسبة للتخلص من العادات السيئة.
إن تأثير العادات الذرية يشبه تأثير الفأس فبعد ان تضرب مئة ضربة في صخرة صماء دون أن تحدث فيها أي شرخ.. تظهر عشرات الصدوع عند الضربة الأولى بعد المئة.. هكذا هي العادات الذرية.. ربما تحتاج إلى تكرارها مئات المرات قبل أن يبدأ موسم جني الثمار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى