فنون وثقافة

متحـف زايد الوطني … سيرة أرض وإنسان

عمر شريقي

يعتبر «متحف زايد الوطني»، أول متحف عالمي يستعرض سيرة مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الحافلة بالعطاءات والإنجازات الرائدة، ورؤيته في بناء دولة عصرية قوامها الإنسان المؤمن والمتعلم والمثقف والمدرك لأهمية حماية البيئة، تلك الرؤية التي أكسبته احترام العالم وجعلته واحداً من أبرز القادة في العصر الحديث. ويشكل المتحف صرحاً ثقافياً مميزاً ضمن منشآت المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، إلى جانب كل من متحفي «جوجنهايم أبوظبي» واللوفر أبوظبي .

مسيرة وطن
ينسجم تصميم «متحف زايد الوطني» مع مكونات البيئة المحيطة به، إذ يستمد تصميمه البصري ومحتواه الداخلي من رؤى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،ويبرهن قدرته على تكريس العناصر المحيطة لمصلحته عوضاً عن التضارب معها. ويتربع المتحف وسط واحة غنّاء تحتفي بإرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي عرف عنه عشقه للبيئة ونجاحه في تخضير الصحراء. وتم استلهام تصميم «متحف زايد الوطني» من أحد الرموز المهمة وجزء من تراثها وإرثها الثقافي، هو الصيد بالصقور. حيث يتضمن المتحف خمسة أجنحة عملاقة تحاكي في تصميمها تفاصيل الريش الموجود أعلى قمة أجنحة الصقر. و ينطوي التصميم على العديد من المزايا البيئية، التي وضعت المباني على نحو يتيح مرور الهواء عبر أروقة المتحف وترشيد الطاقة اللازمة لتبريدها. كما تم تصميم الأجنحة للاستفادة من أشعة الشمس مع فتحات خاصة تسمح بنفاذ الضوء الطبيعي لإنارة المساحات الداخلية بطريقة مبتكرة.

وخلال اختيار دقيق للمضمون يعكس قيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويسهم في إبراز الرسائل الأساسية لمتحف وطني. ويحظى الزوّار بتجربة مميزة تبدأ قبل دخولهم المتحف، اعتباراً من لحظة مرورهم بحدائق المتحف الغنية بالمناظر الطبيعية الأخاذة والنباتات والأشجار التي تم صياغتها بأسلوب تعكس من خلاله لحظات مهمة في حياة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومسيرة التطوير الحافلة التي جعلت أبوظبي والإمارات على ما هي عليه اليوم. وتوفر ردهة المتحف المركزية تجربة غنية للزوّار، حيث تشكل نقطة انطلاق للتعرّف إلى حكاية مسيرة وطنية حافلة.

تأتي صالة عرض «حياة وعهد الشيخ زايد» في قلب المتحف لتستعرض المسيرة الناجحة للراحل الكبير والجهود التي بذلها لتوحيد دولة الإمارات، عبر سلسلة من الأفلام والتسجيلات الصوتية، والوسائط المتعددة، إلى جانب عرض قطع أثرية تعود إلى مجموعة مقتنيات متنوعة من أبوظبي، ومن بقاع مختلفة في الإمارات والعالم. ويتاح للزوّار التعرف بشكل أفضل إلى الشيخ زايد، وأبرز التحديات التي واجهته في بداية مسيرة حياته، بالإضافة إلى الإنجازات المهمة التي حققها عند تأسيس الدولة ومضى بها قدماً على درب الازدهار والرقي.

معرض «التراث جوهر المستقبل»: يبرز هذا المعرض اهتمام الشيخ زايد بالقيم والتراث العريقين لشعبه وحرصه على عدم التفريط فيهما في غمرة الحداثة. وتحتل القيم الأصيلة المتوارثة مكانة كبيرة في الحياة الإماراتية السياسية والثقافية المعاصرة، فالدولة حققت نجاحها الرائد في العالم الحديث عبر تأكيدها أهمية العلاقات الإنسانية وتعميق الصلات بين الشعوب المختلفة. وتعود جذور هذا الترابط الاجتماعي العميق الذي يمتاز به الشعب الإماراتي إلى أسلوب حياته في فترة ما قبل اكتشاف النفط، الذي اتسم ببساطته واعتماده على البيئة الطبيعية التي عززت الروابط بين الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى