أدبيات وقصص

نادية – الحلقة الثانية

قصة قصيرة لـ د. رجاء الجبوري

طال صمت الفارس، وانتظار الأميرة التي حذرتها بلهجة شديدة من مراسلته، او محاولة الاتصال به ، أو حتى اعطاءه رنّة .. أطاعتني كما اعتادت أن تفعل، وبعد أسبوع بالتمام والكمال كسر الفارس حاجز الصمت وبرزخ الظلام في قلب الجميلة برسالة مقتضبة:
_أعتذر ما من نصيب .
هيمنت خيبة الأمل و ملامح الحزن على وجه صديقتي لأسبوعين أو أكثر، عادت بعدها إلى روتينها المعتاد ؛ لكن ظلاً من حزن كان يسكن عميقاً في نظراتها.
وبعد ثلاثة أشهر .. دخل علينا غرفتنا في المؤسسة حيث نعمل شاب نحيل بطول فارع ، وشعر يميل للشقرة ، وعينان أجهل لونهما، لكنهما ابداً لا يشبهان لون عيون الآخرين … إنه أحمد ولا شك.
تقدم الشاب بخطوات ثابتة نحو مكتب نادية، وأسر لها بعد التحية بكلمات لم استبينها إذ كان يتكلم همساً ..
هزّت نادية رأسها مرتين في إشارة بالإيجاب ، غادر الشاب بعدها، بينما صديقتي توشك على أن تطير …
لم أعلم ما الذي قاله لها .. كنت أريد أن أقول لها
_إثقلي عليه .
لكنها وكعادتها تفقد حاسة السمع وقدرة الانصات حين تعلو دقات قلبها .
استأذنتْ قبل نهاية العمل بساعة وخرجتْ مسرعةً لا تلوي على شيء غير لقاء أحمد، ولا تنصت إلّا لنبض قلبها الذي كاد يسمع كل أهل المدينة .
أنتظرت أن تتصل ،أو ترسل لي أي رسالة ذلك المساء … لكن ابداً … لا شيء،
يبدو أن سكرة اللقاء لا تزال تدوخها .. قررت أن أتركها لبعض الوقت ، ريثما تنضج الطبخة وتأتي إليّ على طبق الإعتراف بأقرب فرصة .
في الصباح التالي … دخلت الغرفة حيث نعمل معاً كانت نادية ترتدي فستاناً فضفاضاً .. وتنتعل حذاءاً بكعب منخفض يختلف عن باقي احذيتها ذات الكعوب المستدقة .. وقد قصت اظافرها ومسحت المانيكير .. يغطي راسها وشاح شفيف تلفه بشكل غير محكم … وتضع نصف مساحيق التجميل التي اعتادت أن تضعها كل يوم …
اكتفيت بالصمت … كان الجميع يهنئونها على ارتداء الحجاب ، اما انا فقد كنت مغتاظة فقد نجح أحمد في نصف ساعة بما عجزت عنه لسنوات …
يُتبع….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى