أدبيات وقصص

نادية – الحلقة الخامسة

قصة قصيرة لـ د. رجاء الجبوري

وأخيرا أصبح الصباح ..
نظرت إلى الساعة إنها السابعة صباحًا ..
تناولت هاتفي بسرعة ونقرت على اسمها ثم خيار اتصال:
_صباحو .. جاء صوتها عبر الاثير .
_ صباح النور … أوصلي البنات للمدرسة ، ومري بي في البيت؛ لأمر ضروري ..
_ تمام .
كنت أعلم أنه يوم استراحتها، ولم تمض ساعة إلا و صوت زامور سيارتها يكسر صمت عالمي؛ التحفت بردائي وهرعت لافتح الباب .
_ خير؟ قالت.
_ ادخلي اولاً .
دخلت من باب المطبخ كصاحبة دار لا كضيفة … جلست على أقرب كرسي اتجهت انا صوب الموقد لأصب الشاي ..
_لا وقت عندي ارجوك ، هات ما عندك ،علي ان أعود بسرعة … الوالدة باشا ستأكل قلبي إن تأخرت .
_لتذهب إلى الجحيم … ما لديّ لا يقال هكذا كالسلام عليكم .. يحتاج دماغ معدل .علت وجهها ملامح قلق وارتياب .
وضعت كوب الشاي وطبق المعجنات أمامها…بينما ارتب افكاري وبعد أربع رشفات من شايي الثقيل المكرور لأكثر من نصف ساعة على نار هادئة ،شرعت بترتيب أوراقي على الطاولة الواحدة تلو الأخرى.
بدأت بصورة الولد .. فتحت الهاتف ولمست صورة الولد من بين ما خزنت من صور :
_ نادية انظري إلى هذا الصبي .. بينما اقرب شاشة الهاتف إليها
نظرت إلى صورة الصبي .. نظرة سريعة وتمتمت
_ الله يحفظه لأهله .
_اقرأي تاريخ المنشور حبيبتي ام تارة .. هل رأيته جيداً .. انظري إلى عدد الشموع على قالب الحلوى.
عادت للنظر الى الصورة والحيرة تطل من عينيها .

ثم نقرت صورة السيدة وقربتها منها بينما اقول :
_ هذه أمه .
نظرت إلى الصورة عاقدة ما بين حاجبيها كمن يقول وما شأني بهما .
_ عائلة كندية من أصول عربية الام شمال افريقية والأب عراقي ..ثم نقرت على صورته
_ وهذه صورة الأب.
قلت بينما أناولها هاتفي …
كانت ملامح وجهها تتقلب كفراشة تعبث بها الريح … و بعد برهة طويلة . ناولتني هاتفي دون أن أن تنظر الي …
طال صمتها .. ثم استسلمت بعدها للنشيج … كانت تبكي كطفل .
كفكفت دموعها على غفلة وهمت بالمغادرة أصريت على مرافقتها ..
كانت ساعة السيارة تقرأ 9:45am حين دار المحرك
وصلنا بيت نادية كانت بالكاد تتحرك … تجر نفسها جرًا ، حين استقبلنا الوالدة باشا :
_كل هذا توصلين البنات!!
_لا إجابة من صديقتي .
_ اسمعي نادية لا يرضيني أن تمشي على كيفك .. نحن عائلة معروفة ولن اسمح لك ان تشوهي سمعة بناتنا ….
كنت امسح البيت بناظري بحثاً عن عصا المكنسة التي سأكسّرها على رأس هذه العجوز ، حين انفجرت نادية بوجهها
_ سمعة بناتكم !! تتشوه!! … انا أمشي بكيفي؟!! .. اذهبي و أوعظي كنتك الأجنبية…
كانت الكلمات تضيع من فم نادية لشدة غيظها.
استلمت العجوز كلمات نادية ، كمن اعتاد رد الضربات فراحت تهز جسدها الضخم برقصة شعبية عفا عليها الزمن بينما تهزج :
_ جيبي له الولد ثم قارني نفسك معها … ثم الله يرحم أيام الثياب القصيرة والمكياج والتبرج … خلف الله علينا سترناكِ ، وعلمناكِ الأدب.
_ يعني ام الولد تتعرى عادي حلال .. دين جديد هذا !! اطلعي برا بيتي .. لا أريد أن أراك او أسمع صوتك … اطلعي برا ..
انسحبت العجوز من الميدان … بينما اكملت نادية ما بدأت به :
_ انا تعلموني الأدب… تعلموه انتم اولاً ثم علموه للناس .. الكذب والغش والخداع ونقض الميثاق هذا هو أدبكم أليس كذلك؟ …
لم تجب العجوز بأي كلمة يبدو انها تعد العدة لهجوم من محور آخر .
وبعد أقل من ساعة كانت خارج البيت تجرجر حقيبتها مغادرةً بيت نادية.
يتبع…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى