إبداعات الكتاب

زايد و راشد … تناغم الاتفاق و الاختلاف

بقلم: د. أحمد طقش

أكرم الله تعالى الإماراتيين و الوافدين بمجموعة من الكرامات ، أهمها تطابق رؤى قيادات الإمارات على قلب رجل واحد ، فكان أن صبت أنهار سبعة عذبة ، في قلب بحر الشيخ زايد رحمه الله ، أما الشيخ راشد فكان العضيد و الداعم و كان الرافد الأعظم لأبوظبي ، حيث تم الاتحاد أولا على الصعيد الفكري بين عبقرية زايد و عبقرية راشد …

( و اختلاف ألسنتكم ) الروم 22 ، الاختلاف تنوع و غنى ، أما الخلاف فهو الشقاق و التنافر ، و ما أبعد دولة الإمارات العربية المتحدة عن التضاد ، انسجام مذهل صنعه هذان الإمامان العامران بالمحبة ، اتفقا على الإخلاص للخالق و الوفاء للمخلوق ، و اتفقا على عمران الأوطان بالعدالة و الحنان .

كانت الإمارات صحراء مكتنزة بكنوز لا حصر لها ، فاستطاع القائدان تأليف العقول و القلوب و الجيوب ، كما استطاعا توجيه الوجوه الإماراتية للذي فطر السموات و الأرض ، فغدت هذه الدولة الصغيرة ، كبيرة بل ضخمة ، غدت فارسة أصيلة نبيلة في مضمار هرولة الشعوب ، حتى بزتهم جميعهم ، من حيث الوصول إلى أعالي المعالي ، بعد إكمال المشروع النهضوي التنموي على الأرض .

حتى اختلاف العظماء نعمة … تنوع آراء و خبرات زايد و راشد أدى إلى تنوع في مصادر دخل دولة الإمارات ، و هكذا فالتثاقف الكريستالي بين أبوظبي و دبي ، أصبح نعمة عظمى على سكان الإماراتين ، بل على سكان دولة الإمارات كلها ، فالشيخ زايد فتح أبواب السياسة على مصراعيها ، فكان بحق و جدارة : سيد المهارة ، كان بالفعل : حكيم العرب ، أما الشيخ راشد فقد فتح أبواب التجارة على مصراعيها ، فأنجز إنجازات في القرن الماضي ، يعجز عن إنجازها حتى كبار اقتصاديي العالم في هذا القرن .

و لعل هذا التوازن بين السياسة و التجارة هو سر أسرار الإمارات الذي جعلها منارات هاديات على طريق الخير و البشارات

زايد العقل الراجح … راشد الجيب العامر

زايد يسوس الأفراد و الجماعات … راشد يكرم الفقراء و الأغنياء

زايد يصالح الدول المتخاصمة … راشد يصدّر و يستورد الخيرات

زايد صيته العطري يفوح رغم دوران عجلة الأيام في كل زمان و مكان ، أما راشد فيكفيه فخرا أنه عندما أعلن نبأ وفاته أعلنت الأمم المتحدة الحداد عليه ، ووقف المجتمعون دقيقة حداد ، تعبيرا عن تقديرهم لهذه الشخصية الكبيرة التي أنجزت بوقت قياسي ( مطار دبي الدولي ، ميناء جبل علي ، المنطقة الحرة ، مركز دبي التجاري ، جسر آل مكتوم ، دوار الساعة ، نفق الشندغة ، جسر القرهود … )

و بعد 34 سنة على رحيله ، الشيخ راشد بن سعيد ، مازال نبراس الإمارات ووالد دبي الذي عاش لها و عاشت به ، كان نائب رئيس دولة الإمارات لمدة 19 سنة ، كان رئيس مجلس الوزراء لمدة 11 سنة ، كان حاكم دبي لمدة 32 سنة .

قال عنه الشيخ زايد رحمه الله : ( كان رجلا بارا من رجالات هذا الوطن

و فارسا مغوارا من فرسانه و رائدا من رواد وحدته و بناة حضارته ) ،

و قال عنه الشيخ محمد بن راشد : ( تعلمت من راشد منذ نعومة أظفاري بأن القائد هو الشخص الأكثر نشاطا و الأقدر على تنفيذ المشاريع بكفاءة)

سألني أحد الأحباب عن سر عشق 222 جنسية ، يعيشون على أرض الإمارات للشيخ زايد رحمه الله فأجبته :

يازايد الفضل الذي لا ينقضي / يامن بطلعته الكواكب تقتدي

صحب السمو تكرما وتفضلا / سمي السمو بصحبة من سيدي

لما نظمت الشعر أقصد زايدا / سبقت مكارمه أصابع من يدي

فاضت دموع الشكر في عين الفتى/ لما تغنّى في فضائل زايد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى