الربابة تصنع من جلد الخروف بعد إزالة شعره وتجفيفه، حيث يشد الجلد على مربع مستطيل من الخشب من ناحيتي الوجه والظهر، وتدخل في هذا المستطيل عصا مستديرة، ويمد على الجلد شعر من ذيل الفرس (السبيب)، وهو الوتر، ويرفع عن الجلد بقطعة صغيرة من الخشب مثلثة الشكل تدعى «الديك». وللحصول على الأنغام يجر على الربابة بوتر صنع من شعر الخيل.
عرفت الربابة عند العرب قديما وكانوا يغنون أشعارهم على صوتها ومعهم انتقلت إلى الأندلس ثم إلى أوروبا وكان ذلك حوالي القرن الحادي عشر الميلادي، وكانت هذه الآلة العربية هي الجد الشرعي لجميع ما يعرف اليوم من الآلات الموسيقية الوترية التي يعزف عليها بواسطة الأقواس، والبدوي كأي إنسان يطرب للصوت والموسيقى فهو أحيانا يأنس حتى بصوت الرمال التي تسوقها الزوابع، وتارة لرغاء الناقة والجمل، وثغاء النعجة والخروف، إنه يضع الأجراس في أعناق الأغنام ويطرب لصوتها وهي تتحرك، ويتغزل بتغريد العصافير، ونغمة صوت الفتاة الجميلة، وأهازيج العرب وصلصلة السيوف ولعلعة الرصاص. هذا البدوي يحب الموسيقى بطبعه، ومنها جرات الربابة أو صوت الناي وأحيانا بالهدوء والصمت، لأن الهدوء لغة وموسيقى، والصمت لغة وموسيقى أيضا، والبدوي فهمها وأحبها قبل غيره.
إن صوت الطبيعة من الريح إلى الهدوء، وحفيف أوراق الأشجار وحتى نعيق الغراب، كل ذلك موسيقى دون آلات مصنوعة. وقد اضطر البدوي للتكيف مع هذا الوضع، فأوجد الكلمة التي تناسب هذا اللحن الموسيقي، سواء الذي يشعر به من الطبيعة أو الذي أوجده هو متناسبا مع الحركات الصادرة عنه، وأوجد الآلة التي تناسب اللحن والوزن والحركة، فكانت آلات الحركة وآلات الثبات.