يحظى ذوو الإعاقة في الإمارات برعاية خاصة واهتمام كبير، لدمجهم في المجتمع والحياة العامة، بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، كفئة منتجة تسهم في تنمية المجتمع وعملية التنمية الشاملة في الدولة.وتولي الدولة اهتماماً لذوي الاحتياجات الخاصة من منطلق إنساني وتربوي واجتماعي وثقافي، ولم يعد هذا الاهتمام تحت مظلة الرحمة والإحسان والعطف، بل لأن المعاق إنسان قادر ولديه إمكانات بمستوى الشخص السليم، ولإتاحة الفرصة له أن تجعل منه إنساناً ناجحاً وقادراً على منافسة الأصحاء في المجالات كافة.وقد استطاع عدد كبير من المعاقين في الإمارات تحقيق إنجازات كبيرة على جميع المستويات، واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة.
تتمتع كليثم عبيد المطروشي بشخصية قوية وثقة واضحة بالنفس، ولا تتردد ابداً في الحديث عن تجربتها في الحياة، بعد تعرضها للإعاقة التي حدثت معها نتيجة حادث سير، تسبّب في أن تصير مقعدة على كرسي متحرك. وتقول كليثم لـ«الإمارات اليوم»: «أعتبر نفسي، بفضل الله، من الأشخاص الذين ولدوا مرتين: المرة الأولى يوم ولادتي البيولوجية، والمرة الثانية كانت وقت نجاتي من حادث سيارة في عام 1990»، مستذكرة تفاصيل ذلك الحادث «كان ذلك اليوم من أجمل أيام حياتي، فقد كنت برفقة عائلتي في رحلة ممتعة في المنطقة الشرقية بين البحر والجبل، وكان وقتها ثالث أيام العيد، يومها استمتعنا بكل معنى الكلمة، من لعب وضحك ومرح، وفي لحظة انقلب كل شيء مثل الحلم أو بالأحرى مثل الكابوس».
وتضيف كليثم، من رابطة تمكين المرأة المعاقة، «أثناء العودة من هذه الرحلة الجميلة باتجاه عجمان، مكان منزل العائلة، تعرضنا لحادث تصادم بين ثلاث سيارات، نتج عن ذلك الحادث حالات وفاة واصابات شديدة، كان نصيبي من ذلك الحادث كسر في فقرات العمود الفقري (الثالثة والرابعة)، وكسر في اليد اليسرى، وجروح مختلفة»، وأضافت «تم نقلي من منطقه دبا الفجيرة إلى مستشفى راشد، فهو المتخصص في اصابات الأعصاب والعمود الفقري. في البداية لم أعِ مدى الاصابة التي لحقت بي، وكان الفكر يدور حول سؤال واحد (أين هم إخوتي الذين كانوا معي في السيارة)، وكان الوجع الحقيقي عندما علمت أن ثلاثة منهم توفاهم الله، نظراً لقوة الضربة».
التحدي
انتهت إجازة المطروشي المرضية، وعادت الى عملها الذي كانت قد التحقت به قبل الحادث بأربعة اشهر، قائلة: «عدت الى عملي إنسانة جديدة، فأنا أعتبر نفسي ناجية من الموت، ووقف معي في حالتي الجديدة، بعد الله، عائلتي وزملائي في العمل، الذين كان لهم الدور الأبرز في رفع معنوياتي، خصوصاً أنني مازلت على قيد الحياة، أي مازلت قادرة على التقدم والانجاز حتى لو على كرسي متحرك».
تطور الحلم
«أحلامي الجديدة، التي رافقتني منذ إصابتي، كانت تتلخص في كلمة واحدة (العطاء)»، موضحة «كنت حريصة على تقديم شيء ولو كان بسيطاً لدولتي العظيمة، وأسرتي الحبيبة، وأصدقائي الذين كانوا السند والدعم مع جهة عملي، التي هيأت لي السبل لعودتي الى العمل رغم ظرف الإعاقة»، متحدثة عن هذا الجانب تحديداً «قدموا لي كل دعم ممكن من ساعات عمل أقل إلى برنامج تأهيل ثلاث مرات أسبوعياً».
وتضيف «الحمد لله نفتخر أننا كفريق عمل أسسنا لثقافة وجود المعاق الفاعل والإيجابي في مكان العمل، وأعتز بأنني الموظفة المتميزة في 2014، بعد فيلم أنتجته وزارة الصحة يتحدث عن تجربتي»، وقالت: «في النهاية كلنا أبناء زايد، وكلنا على أثره في رفع راية الإمارات».
لمس الحلم
تحلم المطروشي بأن تزيل البيئة المعيقة من أمام كل شخص من ذوي الإعاقة، قائلة: «دولتنا منحتنا حقوقاً، ونحن من عليه تفعيلها وتنفيذها، ووضعها موضع التنفيذ والإنجاز»، مؤكدة «يحدث التغيير والإنجاز بالإرادة الحقيقية والصلبة من الأشخاص ذوي الإعاقة، ليكونوا شركاء في بناء الوطن مع غيرهم».
التحدي الكبير
كان التحدي الكبير للمطروشي وقت عودتها إلى الحياة خارج منزلها، «بقبولي لذاتي كامرأة معاقة وتعيش في ظرف صعب»، وقالت: «الإعاقة بالنسبة لي تكمن في التحدي لمواجهة سكون الأقدام، وحب الكرسي المتحرك كجزء من الجسد ومكمل للحركة، وما يترتب عليه من علاج وتأهيل، وتجاهل لنظرات العطف وبناء قدرات تنموية وحركية، والحمد لله تجاوزت كل ذلك، فأنا موظفة سعيدة وناشطة في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة، ولي تمثيل في المجال داخل الدولة وعضويات تمثيل خارج الدولة.